Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 96-96)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ } التنكير يدل على أن المراد حياة مخصوصة وهي الحياة المتطاولة ، ولذا كانت القراءة بها أوقع من قراءة أبيّ : " على الحياة " . { وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } عطف على ما قبله بحسب المعنى ؛ كأنه قيل : أحرص من الناس ومن الذين أشْرَكُوا . وإفرادهم بالذكر ، مع دخولهم في الناس ، للإيذان بامتيازهم من بينهم بشدة الحرص ، للمبالغة في توبيخ اليهود . فإن حرصهم ، وهم معترفون بالجزاء ، لمَّا كان أشد من حرص المشركين المنكرين له ، دلّ ذلك على جزمهم بمصيرهم إلى النار . ويجوز أن يحمل على حذف المعطوف ثقةً بإنباء المعطوف عليه ، عنه ؛ أي : وأحرص من الذين أشركوا . وأما تجويز كون الواو للاستئناف وقد تم الكلام عند قوله : { عَلَىٰ حَيَاةٍ } تقديره { وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } ناسٌ يود أحدهم ، على حذف الموصوف ، وقولُ أبي مسلم : إن في الكلام تقديماً وتأخيراً ، وتقديره : ولتجدنهم وطائفة من الذين أشركوا أحرص الناس على حياة ، ثم فسر هذه المحبة بقوله : يود أحدهم لو يعمر ألف سنة - فلا يخفى بُعده ، لأنه إذا كانت القصة في شأن اليهود خاصة فالأليق بالظاهر ، أن يكون المراد : ولتجدن اليهود أحرص على الحياة من سائر الناس ومن الذين أشركوا ، ليكون ذلك أبلغ في إبطال دعواهم وفي إظهار كذبهم في قولهم : إن الدار الآخرة لنا ، لا لغيرنا . والله أعلم . { يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ } بيان لزيادة حرصهم ، على طريق الاستئناف . و { لَوْ } مصدرية ، بمعنى { أَن } مؤوّل ما بعدها بمصدر ، مفعول يود . أي : يود أحدهم تعمير ألف سنة { وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ } { مَا } حجازية ، والضمير العائد على أحدهم اسمها ، و { بِمُزَحْزِحِهِ } خبرها ، والباء : زائدة ، و { أَن يُعَمَّرَ } فاعل مزحزحه ، أي : وما أحدهم المتمني بمن يزحزحه ، أي : يبعده وينجيه ، من العذاب ، تعميره . قال القاضي : والمراد أنه لا يؤثر في إزالة العذاب أقل تأثير ، ولو قال تعالى : وما هو بمبعده وبمنجيه لم يدل على قلة التأثير كدلالة هذا القول : { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } فسوف يجازيهم عليه . وما ذكره بعض المفسرين من أن البصير في اللغة بمعنى العليم لا يخفى فساده ، فإن العليم والبصير اسمان متباينا المعنى لغة ، نعم ! لو حمل أحدهما على الآخر مجازاً لم يبعد ، ولا ضرورة إليه هنا ، ودعوى أن بعض الأعمال مما لا يصح أن يرى ، فلذا حمل هذا البصر على العلم - هو من باب قياس الغائب على الشاهد ، وهو بديهيّ البطلان . قال شمس الدين ابن القيم الدمشقيّ في كتاب " الكافية الشافية " : @ وهو البصير يرى دبيب النملة السّوْ داء تحت الصخر والصّوّان ويرى مجاري القُوتِ في أعضائها ويرى عُروق بياضها بعِيَان ويرى خِياناتِ العيونِ بلحضها ويرى ، كذاك ، تقلُّبَ الأجفان @@ وقوله تعالى : { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً … } .