Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 13-15)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ } أي : اصطفيتك للنبوة { فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } أي : للذي يوحي . أو للوحي . ثم بينه بقوله : { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي } أي : خصني بالعبادة { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } أي : لتذكرني فيها بقلبك ولسانك وسائر جوارحك ، بأن تجعل حركاتها دالة على ما في القلب واللسان . قال أبو السعود : خصت الصلاة بالذكر وأفردت بالأمر بالعبادة ، لفضلها وإنافتها على سائر العبادات ، بما نيطت به من ذكر المعبود وشغل القلب واللسان بذكره . وذلك قوله تعالى : { لِذِكْرِيۤ } أي : لتذكرني . فإن ذكري كما ينبغي لا يتحقق إلا في ضمن العبادة والصلاة . أو لتذكرني فيها لاشتمالها على الأذكار . أو لذكري خاصة لا تشوبه بذكر غيري . أو لإخلاص ذكري وابتغاء وجهي . لا ترائي بها ، ولا تقصد بها غرضاً آخر . أو لتكون ذاكراً لي ، غير ناس . انتهى . ثم أشار إلى وجوب إفراده بالعبادة وإقامة الصلاة لذكره . بقوله : { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ } أي : واقعة لا محالة { أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } أي : بسعيها عن اختيار منها . واللام متعلقة بـ { آتِيَةٌ } . ولما كان خفاء الساعة من اليقينيات وفي ( كاد ) معنى القرب من ذلك ؛ لعدم وضعها للجزم بالفعل ، تأولوا الآية على وجوه : أحدها : أن ( كَادَ ) منه تعالى واجب . والمعنى : أنا أخفيها عن الخلق . كقوله : { عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } [ الإسراء : 51 ] أي : هو قريب . ثانيها : قال أبو مسلم : { أَكَادُ } بمعنى أريد كقوله : { كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ } [ يوسف : 76 ] . ومن أمثالهم المتداولة : ( لا أفعل ذلك ولا أكاد ) أي : ولا أريد أن أفعله . قال الشهاب : تفسير { أَكَادُ } بـ ( أريد ) هو أحد معانيها . كما نقله ابن جنيِّ في ( المحتسب ) عن الأخفش . واستدلوا عليه بقوله @ كادتْ وكدتُ وتلك خيرُ إرادةٍٍ لو عاد من لَهْوِ الصِّبابةِ مَا مَضَى @@ بمعنى أرادت . لقوله : ( تلك خير إرادة ) . ثالثها : أن { أَكَادُ } صلة في الكلام . قال زيد الخيل : @ سريعٌ إِلى الهيجاء شاكٍ سلاحُهُ فما إِنْ يَكَادُ قِرْنُهُ يَتَنَفَّسُ @@ رابعها : أن المعنى أكاد أخفيها فلا أذكرها إِجمالا ولا أقول هي آتية . وذلك لفرط إرادته تعالى إخفاءها . إلا أن في إِجمال ذكرها حكمة ، وهي اللطف بالمؤمنين ، لحثهم على الأعمال الصالحة ، وقطع أعذار غيرهم حتى لا يعتذروا بعدم العلم . وثمة وجوه أخر لا تخلو من تكلف ، وإن اتسع اللفظ لها . وقوله تعالى : { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ … } .