Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 1-3)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ طه } قدمنا أن الحق في هذه الحروف التي افتتحت بها سورها ، أنها أسماء لها . وفيه إشارة إلى أنها مؤلفة منها . ومع ذلك ففي عجزهم عن محاكاتها أبلغ آية على صدقها . ونبه الإمام ابن القيم رحمه الله على نكتة أخرى في ( الكافية الشافية ) بقوله : @ وانظر إلى السور التي افتتحت بأحْرفها ترى سرّاً عظيم الشان لم يأت قط بسورة إلا أتى في إثرها خبر عن القرآن إذ كان إخباراً به عنها . وفي هذا الشفاء لطالب الإيمان ويدل أن كلامه هو نفسها لا غيرها ، والحق ذو تبيان فانظر إلى مبدا الكتاب وبعدها الـ أعراف ثم كذا إلى لقمان مع تلوها أيضاً ومع حم مع يس وافهم مقتضى الفرقان @@ { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } أي : لتتعب بفرْط تأسفك عليهم وعلى كفرهم ، وتحسرك على أن يؤمنوا و ( الشقاء ) في معنى التعب . ومنه المثل : أشقى من رائض مهر . وقوله تعالى : { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } أي : تذكيراً له . أي : { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ } لتتعب بتبليغه ، ولكن تذكرة لمن في قلبه خشية ورقة يتأثر بالإنذار . والقصد أنه ما عليك إلا أن تبلغ وتذكر ، ولم يكتب عليك أن يؤمنوا لا محالة . وقد جرت السنة الإلهية في خطاب الرسول في مواضع من التنزيل ، أن ينهاه عن الحزن عليهم وضيق الصدر بهم ، كقوله تعالى : { فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ } [ الأعراف : 2 ] { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ } [ الكهف : 6 ] { وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ } [ آل عمران : 176 ] وهذه الآية من هذا الباب أيضاً . وفي ذلك كله من تكريم الرسول صلوات الله عليه ، وحسن العناية به والرأفة ما لا يخفى . ثم أشار إلى تضخيم شأن هذا المنزل الكريم ، لنسبته إلى المتفرد بصفاته وأفعاله ، بقوله : { تَنزِيلاً مِّمَّنْ … } .