Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 5-5)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ } أي : من إمكانه وكونه مقدوراً له تعالى . أو من وقوعه { فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } أي : خلقنا أول آبائكم ، أو أول موادكم ، وهو المني , من تراب . إذ خلق من أغذية متولدة منه . وغاية أمر البعث أنه خلق من التراب { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } أي : تولدت من الأغذية الترابية { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } أي : قطعة من الدم جامدة { ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ } أي : قطعة من اللحم بقدر ما يمضغ { مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } أي : مصورة وغير مصورة . والمراد تفصيل حال المضغة وكونها أولا قطعة لم يظهر فيها شيء من الأعضاء . ثم ظهرت بعد ذلك شيئاً فشيئاً { لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ } أي : بهذا التدريج ، قدرتنا وحكمتنا ، وأن ما قَبِلَ التغير والفساد والتكون مرة ، قَبِلَهَا أخرى . وأن من قدر على تغييره وتصويره أولاً ، قدر على ذلك ثانياً . { وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو وقت الوضع . قال أبو السعود : استئناف مسوق لبيان حالهم ، بعد تمام خلقهم . وعدم نظم هذا وما عطف عليه في سلك الخلق المعلل بالتبيين ، مع كونهما من متمماته ، ومن مبادئ التبيين أيضاً . لما أن دلالة الأول على كمال قدرته تعالى على جميع المقدورات ، التي من جملتها البعث المبحوث عنه ، أجلى وأظهر . أي : ونحن نقر في الأرحام بعد ذلك ما نشاء أن نقره فيها إلى أجل مسمى . { ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ } أي : كمال قوتكم وعقلكم . قال أبو السعود علة لـ { نُخْرِجُكُمْ } معطوفة على علة أخرى مناصبة لها . كأنه قيل : ثم نخرجكم لتكبروا شيئاً فشيئاً . ثم لتبلغوا كمالكم في القوة والتمييز { وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ } أي : بعد بلوغ الأشد أو قبله { وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ } وهو الهرم والخرف . والأرذل الأردأ { لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً } أي : من بعد علم كثير ، شيئاً من الأشياء ، أو شيئاً من العلم ، مبالغة في انتقاص علمه وانتكاس حاله واللام لام العاقبة . قال البيضاوي : والآية - يعني : { ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ … } الخ - استدلال ثان على إمكان البعث ، بما يعتري الإنسان في أسنانه من الأمور المختلفة والأحوال المتضادة . فإن من قدر على ذلك قدر على نظائره . ثم أشار تعالى إلى حجة أخرى على صحة البعث ، بقوله : { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً } أي : ميتة يابسة { فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ } أي : المطر { ٱهْتَزَّتْ } أي : تحركت بالنبات { وَرَبَتْ } أي : انتفخت وعلت ، لما يتداخلها من الماء ويعلو من نباتها { وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ } أي : صنف { بَهِيجٍ } أي : حسن رائق يسر ناظره وهذه الحجة الثالثة ، لظهورها وكونها مشاهدة معاينة ، يكررها الله تعالى في كتابه الكريم .