Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 26-30)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَ } أي : بعد ما أيس من إيمانهم { رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ * فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا } أي : ملتبساً بحفظنا وكلاءتنا ، لا تلحقها آفة ولا يعترضها نقص . عبر بكثرة آلة الحس التي بها يحفظ الشيء ، ويراعى من الاختلال والزيغ ، عن المبالغة في الحفظ والرعاية ، على طريق التمثيل ، وقيل : المعنى بمرأى منا ومشهد في حفظنا وكلاءتنا . بناء على أن المراد بالعين البصر ، وأنه يسمى البصر عينا لأجل أنه مما يتعلق به ويقوم به . من باب تسمية الشيء باسم محله . وباسم ما هو قائم به . قال الإمام ابن فورك في ( متشابه الحديث ) - بعد حكاية نحو ما تقدم - : وقد اختلف أصحابنا فيما يثبت لله عز وجل من الوصف له بالعين . فمنهم من قال : إن المراد به البصر والرؤية . ومنهم من قال : إن طريق إثباتها صفة لله تعالى بالسمع . وسبيل القول فيها كسبيل القول في اليد والوجه . انتهى . ومذهب السلف ؛ أن الصفات يحتذى فيها حذو الذات ، فكما أنها منزهة عن التشبيه والتمثيل والتكييف ، فكذلك الصفات إثباتها منزه عن ذلك وعن التحريف والتأويل . وقوله تعالى : { وَوَحْيِنَا } أي : أمرنا وتعليمنا كيف تصنع { فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا } أي : عذابنا { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } كناية عن الشدة . كقولهم : ( حمي الوطيس ) و ( التنور ) كانون الخبز حقيقة . وأطلقه بعضهم على وجه الأرض ومنبع الماء ، للآية مجازا { فَٱسْلُكْ فِيهَا } أي : فاحمل في الفلك : { مِن كُلٍّ } أي : من كل آية { زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } أي : في الدعاء لهم بالنجاة ، عند مشاهدة هلاكهم { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } أي : في بحر الهلاك غرقوا في بحر الضلال وظلمهم أنفسهم ، بعد أن أملى لهم الدهر المتطاول { فَإِذَا ٱسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى ٱلْفُلْكِ فَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي نَجَّانَا مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ * وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي } - أي : في السفينة أو منها - { مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْمُنزِلِينَ } أي : لمن أنزلته منزل قربك { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } أي فيما فعل بنوح وقومه { لآيَاتٍ } أي : يَستدل بها ويعتبر أولو الأبصار { وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } أي : مصيبين قوم نوح ببلاء عظيم وعقاب شديد . أو مختبرين بهذه الآيات عبادنا ، لننظر من يعتبر ويدّكر . كقوله تعالى : { وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } [ القمر : 15 ] و ( إن ) مخففة على الأصح - وقيل نافية . واللام بمعنى ( إلا ) والجملة حالية .