Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 50-52)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ } أي : كررنا هذا القول الذي هو ذكر إنشاء السحاب وإنزال القطر { بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ } أي : ليتفكروا ويعتبروا ويعرفوا حق النعمة فيه ويشكروا { فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } أي : كفران النعمة وجحودها { وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً } أي : نبيّاً ينذر أهلها فيخف عليك أعباء النبوة . لكن لم نشأ ذلك ، فلم نفعله . بل قصرنا الأمر عليك حسبما ينطق به قوله تعالى : { لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } [ الفرقان : 1 ] . إجلالاً لك وتعظيماً ، وتفضيلاً لك على سائر الرسل . وقال المهايمي : أي : لكن لم نشأ . لأنه يقتضي تفرق الأمم ، وتكثر الاختلافات . فجعلنا الواحد نذيراً للكل ليطيعوه أو يقاتلهم . والكفار يريدون أن يطيعهم الرسل أو يتركوهم على ما هم عليه { فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ } أي : فقابل ذلك بالثبات والاجتهاد في الدعوة وإظهار الحق والتشدد والتصبر . ولا تطعهم فيما يريدونك عليه . وأراد بهذا النهي ، تهييجه وتهييج المؤمنين ، وتحريكهم . أي : إثارة غيرته وغيرتهم . وإلا فإطاعته لهم غير متصورة . وقال أبو السعود : كأنه نهي له ، عليه الصلاة والسلام ، عن المداراة معهم ، والتلطف معهم . أي : لأن في ذلك إضعافاً للحق وتغشية عليه ، وطول أمد في سريانه . ولذا قال { وَجَاهِدْهُمْ بِهِ } أي : بالقرآن وما نزل إليك من الحق { جِهَاداً كَبيراً } أي : لا يخالطه فتور ، بأن تلزمهم بالحجج والآيات ، وتدعوهم إلى النظر في سائر الآيات ، لتتزلزل عقائدهم ، وتسمج في أعينهم عوائدهم . وهذه الآية من أصرح الأدلة في وجوب مجادلة المبطلين ، ودعوتهم إلى الحق بقوة ، والتفنن في محاجتهم بأفانين الأدلة . فإن الحق يتضح بالأدلة . كما أن الشهور تشتهر بالأهلة .