Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 170-171)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عَجُوزاً } وهي امرأته . كما بينت في آيات { فِي ٱلْغَابِرِينَ } أي : مقدّراً كونها من الباقين في العذاب . لأنها كانت راضية بعمل قومها . لطيفة قال الناصر في ( الانتصاف ) : كثيراً ما ورد في القرآن ، خصوصاً في هذه السورة ، العدول عن التعبير بالفعل إلى التعبير بالصفة المشتقة ، ثم جعل الموصوف بها واحداً من جمعٍ . كقول فرعون { لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } [ الشعراء : 29 ] ، وقولهم : { سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ } [ الشعراء : 136 ] وقولهم : { لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمَرْجُومِينَ } [ الشعراء : 116 ] وقوله : { إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ ٱلْقَالِينَ } [ الشعراء : 168 ] وقوله تعالى في غيرها : { رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ } [ التوبة : 87 ] وكذلك { ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ } [ التوبة : 86 ] وأمثاله كثيرة . والسرُّ في ذلك ، والله أعلم ، أن التعبير بالفعل ، إنما يفهم وقوعه خاصة . وأما التعبير بالصفة ، ثم جعل الموصوف بها واحداً من جمع ، فإنه يُفهم أمراً زائداً على وقوعه . وهو أن الصفة المذكورة ، كالسمة للموصوف ثابتة العلوق به . كأنها لقب . وكأنه من طائفة صارت كالنوع المخصوص المشهور ببعض السمات الرديئة . واعتبر ذلك لو قلت : ( رضوا بأن يتخلفوا ) لما كان في ذلك مزيد على الإخبار بوقوع التخلف منهم لا غير . وانظر إلى المساق وهو قوله : { رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ } [ التوبة : 87 ] كيف ألحقهم لقباً رديئاً ، وصيرهم من نوع رذل مشهور بسمة التخلف ، حتى صارت لقباً لاحقاً به . وهذا الجواب عام في جميع ما يرد عليك من أمثال ذلك . فتأمله واقدره قدره { ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } [ الشعراء : 172 ] أي : أهلكناهم أشد إهلاك وأفظعه .