Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 82-82)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ ٱلأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ } اعلم أن في هذا الوعيد وجوهاً من التأويل : الأول : أنه دنيويّ ، عنى به نصر الرسول صلوات الله عليه ، عليهم . والمعنى أنّ أولئك الصم عن سماع الآيات ، العُمْي عن النظر فيها ، الجاحدين لها ، سيأتيهم أنباء حقيقة ما كانوا يدعون إليه من نصر الداعي وهو الرسول وأتباعه ، وتكثير سوادهم حتى يظفروا بمناوئيهم . ويظهروا على عدوّهم . وذلك بأن تدبّ إليهم من المؤمنين دابة عظمى تملأ السهل والربى , تزلزل أركانهم وتهدم بنيانهم وتقوض خيامهم وتدكّ أعلامهم . فتكلمهم حينئذ بلسان الحال أو المقال ، بأنهم إنما أخذوا بالعقاب ، وحل بهم شديد العذاب لضلالهم وإضلالهم العباد . وسعيهم في الأرض الفساد . فإن الإيمان دعامة الصلاح والإصلاح . وقائد الفلاح والنجاح ، وقد سبقت كلمته لعباده المرسلين إنهم لهم المنصورون ، وإن جنده لهم الغالبون . وقد صدق الله وعده وأعز جنده . والوجه الثاني : أن الدابة حيوان بخلاف ما نعرفه . يختص خروجها بحين القيامة ، قال بعضهم : والمعنى إذا قامت القيامة بعث الله نوعا مخصوصا من دواب هذه الأرض ، كما يبعث غيره من أنواع الدواب الأخرى . وينطقه فيوبخ الإنسان على كفره ، كما ينطق أعضاءه في ذلك اليوم أيضا . قال : فليس المراد من قوله { دَآبَّةً } الفرد ، بل النوع . كما في قولك ( أرسل الله عليهم دودة أتلفت زرعهم ) أي : ديداناً كثيرة ، من نوع واحد مخصوص . ا . هـ . وقد روي فيها أحاديث وأثار كثيرة ، لم يصحح البخاريّ منها شيئاً ، لاضطراب متونها وضعف رجالها . وأمثل مأثورها ما أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : " إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى . وأيهما ما كانت قبل صاحبتها ، فالأخرى على إثرها قريباً " . ومعلوم أن أمور الآخرة من عالم الغيب . ولا يؤخذ فيها إلا بما كان قطعيّ الثبوت . الوجه الثالث : نقله الراغب في مفرداته قال : وقيل : عني بالدابة الأشرار الذين هم في الجهل بمنزلة الدواب . فتكون الدابة جمعا ، اسما لكلّ ما يدبّ . نحو ( خائنة ) جمع خائن . انتهى . ولعل الآية كقوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } [ الأنبياء : 96 - 97 ] فإن يأجوج ومأجوج كالدابة ، لما يغطي بدبيبه وجه الأرض - فهو مثل في الكثرة . والله أعلم .