Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 77-81)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤمِنِينَ } أي : بما فيه من إقامة الدلائل ورفع الشبه التي يعقلها المؤمنون المنصفون المصدقون بالحق ، المذعنون له { إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ } أي : بين مَنْ آمن بالقرآن ومن كفر به ، بعدله وحكمته { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } أي : فلا يردّ قضاؤه الغالب في انتقامه من المبطلين { ٱلْعَلِيمُ } أي : بالفصل بينهم وبين المحقين . ثم أمره تعالى بقلة المبالاة بأعدائه ، وبالمضيّ في دعوته وانتظار الوعد الحق ، بقوله : { فَفَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّكَ عَلَى ٱلْحَقِّ ٱلْمُبِينِ } أي : الأبلج الذي لا ريب فيه . قال الزمخشري : وفيه بيان أن صاحب الحق حقيق بالوثوق بصنع الله وبنصرته ، وأن مثله لا يخذل . ثم أشار تعالى إلى كفاية نفع دعوته للمؤمنين ، الذين هم أولياؤه وحزبه ، وإلى أن الكل لا يرجى منهم الهداية ، كآية { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [ يوسف : 103 ] تسلية عما كان يهمه من إيمانهم ، بقوله سبحانه : { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ * وَمَآ أَنتَ بِهَادِي ٱلْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ } . قال الزمخشري : شُبِّهوا بالموتى وهم أحياء صحاح الحواس ، لأنهم إذا سمعوا ما يتلى عليهم من آيات الله فكانوا أقماع القول ، لا تعيه آذانهم . وكان سماعهم كلا سماع . كانت حالهم ، لانتفاء جدوى السماع ، كحال الموتى الذين فقدوا مصحح السماع ، وكذلك تشبيههم بالصم الذين ينعق بهم فلا يسمعون . وشبهوا بالعمي حيث يضلون الطريق ولا يقدر أحد أن ينزع ذلك عنهم , وأن يجعلهم هداة بصراء ، إلا الله عز وجل . فإن قلت : ما معنى قوله : { إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } ؟ قلت : هو تأكيد لحال الأصمّ . لأنه إذا تباعد عن الداعي ، بأن يولّي عنه مدبراً ، كان أبعد عن إدراك صوته . انتهى . وإيراد قوله : { وَمَآ أَنتَ بِهَادِي ٱلْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ } إثر ما تقدم ، للمبالغة في نفي الهداية . وقوله تعالى : { إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا } أي : ما تسمع سماعا يجدي السامع نفعاً ، إلا من شأنه الإيمان بها . وقوله : { فَهُم مُّسْلِمُونَ } تعليل لإيمانهم بها . كأنه قيل : فإنهم منقادون للحق . وقيل : معناه مخلصون ، من قوله : { بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ } [ البقرة : 112 ] يعني جعله سالماً لله خالصاً له .