Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 9-12)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } وفي إيثار هذه الأسماء الجليلة سرّ بديع . وهو الإشارة الجُمْلية إلى روح إرساله عليه السلام . أي : أنا الله لا تلك المعبودات التي عكف عليها قوم فرعون ، العزيز الغالب القاهر لكل عات متمرد ، الحكيم في البعثة والإرسال ، والتفضل والإفضال . ثم أمره تعالى أن يلقي عصاه من يده ليريه دليلاً واضحاً على أنه القادر على كل شيء ، بقوله : { وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ } هو ضرب من الحيات ، أسرعه حركة وأكثره اضطراباً { وَلَّىٰ } أي : من الخوف { مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ } أي : لم يرجع على عقبه من شدة خوفه { يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } أي : لحفظي لهم وعنايتي بهم وعصمتي إياهم مما يؤذيهم . وفيه تبشير له باصطفائه بالرسالة والنبوة . وتشجيع له بنزع الخوف . إذ لا يتمكن من أداء الرسالة ، ما لم يزل خوفه من المرسل إليه . وقوله تعالى : { إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوۤءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } استثناء منقطع . استدرك به ما عسى يختلج في الخلد من نفي الخوف عن كلهم . مع أن منهم من فرطت منه صغيرة ما ، مما يجوز صدوره عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . فإنهم وإن صدر عنهم شيء من ذلك ، فقد فعلوا عقيبه ما يبطله ، ويستحقون به من الله تعالى مغفرة ورحمة . وقد قصد به التعريض بما وقع من موسى عليه الصلاة والسلام ، من وكزه القبطيّ والاستغفار . قاله أبو السعود . وسبقه الزمخشري حيث قال : يوشك أن يقصد بهذا ، التعريض بما وجد من موسى . وهو من التعريضات التي يلطف مأخذها ، وسماه ظلما كما قال موسى : { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَٱغْفِرْ لِي } [ القصص : 16 ] ثم أشار تعالى إلى آية خارقة غير العصا ، آتاه إياها ، بقوله : { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } أي : آفة كبرص { فِي تِسْعِ آيَاتٍ } أي : غيرها تؤتاها ، إذا جحد فرعون رسالتك . وهي ضرب ماء النهر بالعصا فينقلب دما . وإصعاد الضفادع على أرض مصر . وضرب التراب فتمتلئ الأرض قملا . وإرسال الجراد عليهم . والوباء الشديد . وإصابة أجسادهم بالقروح والدمامل والبثور . وإهلاك حصادهم بالبرد الشديد . وتغشيتهم بظلام كثيف ، على ما روى ، وفي { تِسْعِ } أوجه : أحدها : أنها حال ثالثة . أي : تخرج آية في تسع آيات . والثاني : أنها متعلقة بمحذوف ، أي : اذهب في تسع . والثالث أن يتعلق بقوله : { وَأَلْقِ عَصَاكَ } { وَأَدْخِلْ يَدَكَ } أي : في جملة تسع آيات . و { فِي } بمعنى ( مع ) { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } أي : مرسلاً بها إلى فرعون : { وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } أي : خارجين عن الحدود ، في الكفر والعدوان . وهذا تعليل للإرسال .