Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 36-38)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى } أي : مبتدع لم يسبق له نظير . أو تفتريه على الله بنسبته له ، وأنت تعلمته من غيرك . فالافتراء بمعنى الاختلاق أو الكذب { وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } أي : السحر أو ادعاء النبوة ، أو بأن للعالم إلهاً يرسل الرسل بالآيات { فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } أي : كائناً في أيامهم . قال الشهاب : وهذا إما تعمد للكذب وعناد بإنكار النبوات ، وإن كان عهد يوسف قريباً منهم . أو لأنهم لم يؤمنوا به أيضاً { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ ٱلدَّارِ } قال المهايميّ : معناه : كفى دليلاً على كونها آيات ، أنها خوارق ولم يسبق لها نظير . مع أن ما جئت به هدى . والساحر لا يدعو في العموم إلى هدى . فإن لم تعترفوا بكونه هدى ، فربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ، ويعلم ذلك بالعاقبة , فإن الله يحسن عاقبة أهل الهدى لا محالة . لأنه يعلم من تكون له عاقبة الدار . وهي العاقبة المحمودة . والمراد بـ { ٱلدَّارِ } الدنيا . وعاقبتها وعقباها : أن يختم للعبد بالرحمة والرضوان . وتلقى الملائكة بالبشرى عند الموت . وهذه لا تكون للساحر إذا ادعى النبوة ، لأنه ظالم فلا يفلح بالعاقبة الحميدة كما قال : { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّالِمُونَ } أي : بالدار وإن وجدوا بعض مقاصدهم أولاً استدراجاً ، فلا يفوزون بالعقبى الحميدة . وإنما غاية أمرهم انقطاع أثرهم وسوء ذكرهم . وقد حقق الله هذا الوعد فجعل عاقبة قوم موسى رفيعة . ونهاية أعدائه وضيعة . { وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } هذا حكاية لتمرده وعتوّه وطغيانه في تفوهه بتلك العظيمة . كما واجه موسى عليه السلام بها في قوله { لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } [ الشعراء : 29 ] وكما قال تعالى عنه : { فَحَشَرَ فَنَادَىٰ * فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ * فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } [ النازعات : 23 - 26 ] يعني : أنه جمع قومه ونادى فيهم معلناً بذلك . فانتقم منه بما جعله عبرة لمن اعتبر { فَأَوْقِدْ لِي يٰهَامَانُ عَلَى ٱلطِّينِ } أي : ناراً ، فأتخذ منه آجراً . قال الزمخشري : ولم يقل : 0اطبخ لي الآجرّ واتخذه ) لأن هذه العبارة أحسن طباقاً لفصاحة القرآن وعلوّ طبقته ، وأشبه بكلام الجبابرة . وهامان وزيره ومدبّر رعيته { فَٱجْعَل لِّي } أي : من الآجرّ { صَرْحاً } أي : قصراً رفيعاً إلى السماء { لَّعَلِّيۤ أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ } يعني : العليّ الأعلى ، تبارك وتعالى { وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } أي : في دعواه الألوهية ، والعلوّ لباري الأرض والسماوات .