Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 56-58)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } أي : لا تقدر أن تدخل في الإسلام كل من أحببت أن يدخل فيه من قومك وغيرهم { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } أي : أن يهديه فيدخله في الإسلام بعنايته { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } أي : القابلين للهداية . لاطلاعه على استعدادهم وكونهم غير مطبوع على قلوبهم . تنبيه روى البخاري في ( صحيحه ) في تفسير هذه الآية عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : " لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة . فقال : " أي : عم ! قل لا إله إلا الله ، كلمة أُحاجّ لك بها عند الله " . فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ، ويعيدانه بتلك المقالة ، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : على ملة عبد المطلب . وأبى أن يقول لا إله إلا الله . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والله ! لأستغفرنّ لك ما لم أُنْه عنك " . فأنزل الله { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ } [ التوبة : 113 ] وأنزل الله في أبي طالب ، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : { إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } " [ القصص : 56 ] . قال ابن كثير : وهكذا رواه مسلم في صحيحه والترمذي أيضا من حديث يزيد بن كَيْسان عن أبي حازم ، عن أبي هريرة . والإمام أحمد من حديثه أيضاً ، وهكذا قال ابن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبيّ وقتادة : إنها نزلت في أبي طالب حين عرض عليه الإسلام . انتهى . وقال ابن حجر في ( فتح الباري ) : لم تختلف النقلة في أنها نزلت في أبي طالب . انتهى . وقدمنا مرارا معنى قولهم نزلت الآية في كذا . فانظر المقدمة ، وغير موضع بعدها . ثم ذكر تعالى من تعنتهم ، شبهة استروح بها الحارث بن عامر بن نوفل ، فيما رواه النسائيّ ، قوله سبحانه : { وَقَالُوۤاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ } أي : ونخالف العرب { نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ } أي : مكة . فرد عليهم تعالى بقوله : { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً } أي : ألم نعصمهم من عدوّهم ونجعل مكانهم حرما ذا أمنٍ ، لحرمة البيت الحرام ، الذي تتناجز العرب حوله وهم آمنون { يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أي : جهلة لا يتفكرون . ولو علموا أن ذلك رزق من عند الله ، لعلموا أن الخوف والأمن من عنده ، ولما خافوا التخطف إذ آمنوا به وخلعوا أنداده . { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا } أي : كفرت بها فلم تحفظ حق الله فيها فدمرت { فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَارِثِينَ } أي : منهم . إذ لم يخلفهم أحد يتصرف تصرفهم . وموصوف ( قليلا ) المستثنى ، إما ( زمان ) أي : إلا زماناً قليلا ، إذ لا يسكنها إلا المارة يوما أو بعض يوم . وإما ( مكان ) أي : إلا مكانا قليلا يصح لسكنى البعض ، واندثر الباقي . أو ( مصدر ) أي : سكنا قليلاً من شؤم معاصيهم .