Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 85-86)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ } أي : أوجب عليك تلاوته على الناس ، وتبليغه إليهم ، وصدعهم به { لَرَآدُّكَ } أي : بعد الموت { إِلَىٰ مَعَادٍ } أي : مرجع عظيم . وهو المقام المحمود الذي وعدك أن يبعثك فيه . فتنوينه للتعظيم ، ووجهه - كما في ( العناية ) - أن المعاد صار . كالحقيقة في المحشر . لأنه ابتداء العود إلى الحياة ، ورده على ما كان عليه فجعل معاده عظيماً لعظمة مقامه فيه . وقال ابن كثير : المعاد هو يوم القيامة . يسأله عما استرعاه من أعباء النبوّة . كما قال تعالى : { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الأعراف : 6 ] وقال تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ } [ المائدة : 109 ] وقال : { وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ } [ الزمر : 69 ] وعن ابن عباس روايات : إلى يوم القيامة . إلى الموت . إلى الجنة أخرجت عنه من طرق . كما أسنده ابن كثير . والذي رواه البخاريّ والنسائيّ وابن جرير عن ابن عباس قال : ( لرادك ) إلى مكة كما أخرجك منها . وعن الضحاك قال : لما خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ الجحفة ، اشتاق إلى مكة . فنزلت الآية . قال ابن كثير : وهذا يقتضي أن هذه الآية مدنية ، وإن كان مجموع السورة مكياً ، والله أعلم . ثم قال : ووجه الجمع بين هذه الأقوال ، أن ابن عباس فسر ذلك تارة برجوعه إلى مكة ، وهو الفتح ، الذي هو عند ابن عباس أمارة على اقتراب أجل النبيّ صلى الله عليه وسلم ، كما فسر ابن عباس سورة { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } [ النصر : 1 ] أنه أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم نعي إليه ، وكان ذلك بحضرة عمر بن الخطاب ووافقه عمر على ذلك ، وقال : لا أعلم منها غير الذي تعلم . ولهذا فسر ابن عباس تارة أخرى قوله تعالى : { لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ } بالموت . وتارة بيوم القيامة الذي هو بعد الموت . وتارة بالجنة التي هي جزاؤه على أدائه رسالة الله وإبلاغها إلى الثقلين الجن والإنس . ولأنه أكمل خلق الله على الإطلاق . انتهى . { قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ } يعني نفسه الكريمة . أي : بما يستحقه من المثوبة { وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } يعني : المشركين . أي : بما يستحقونه من العذاب . والجملة تقرير للوعيد السابق { وَمَا كُنتَ تَرْجُوۤ أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابُ } أي : ما كنت تظن ، قبل إنزال الوحي إليك ، أن الوحي ينزل عليك { إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } أي : ولكن لرحمة من ربك ألقى إليك { فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً لِّلْكَافِرِينَ } أي : معينا لهم . ولكن نابذهم وخالفهم . وحكى الكرمانيّ في ( الغرائب ) أن معناه : فلا تكن بين ظهرانيهم ، وأنه أمر بالهجرة .