Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 87-88)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلاَ يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ ٱللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ } أي : عن تبليغها بعد إنزالها ، والأمر بالصدع بها لضيق صدرك من مكرهم . فإن الله معك ، ومُعْلٍ كلمتك ومؤيد دينك . ولذا قال : { وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ } أي : إلى عبادته وحده لا شريك له { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ * وَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ } . قال القاضي : هذا وما قبله للتهييج وقطع أطماع المشركين من مساعدته لهم . أي : لأنه لا يتصور منه ذلك حتى ينهي عنه . فكأنه لما نهاه عن مظاهرتهم ومداراتهم ، قال إن ذلك مبغوض لي كالشرك . فلا تكن ممن يفعله . أو المراد نهى أمته ، وإن كان الخطاب له صلى الله عليه وسلم . كذا في ( العناية ) . { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } أي : إياه و ( الوجه ) يعبر به عن الذات كما قال : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } [ الرحمن : 26 - 27 ] . وفي قوله تعالى : { هَالِكٌ } وجوه : حمله على المستقبل ، أو هو عرضة للهلاك والعدم ، أو هالك في حد ذاته ، لأن وجوده ليس ذاتياً بل لاستناده إلى واجب الوجود ، فهو بالقوة وبالذات معدوم حالا . والمراد بالمعدوم ما ليس له وجود ذاتي . لأن وجود غيره كلا وجود . إذ هو في كل آن قابل للعدم . وعن مجاهد والثوريّ : { إِلاَّ وَجْهَهُ } أي : ما أريد به وجهه . حكاه البخاريّ في ( صحيحه ) . قال ابن جرير : ويستشهد من قال ذلك بقول الشاعر : @ أستغفرُ الله ذنباً ، لست مُحْصِيَهُ رَبُّ العبادِ ، إِلَيْهِ الْوَجْهُ وَالْعَمَلُ @@ قال ابن كثير : وهذا القول لا ينافي القول الأول . فإن هذا إخبار عن كل الأعمال ، بأنها باطلة ، إلا ما أريد به وجه الله تعالى من الأعمال الصالحة المطابقة للشريعة . انتهى . وفيه بُعدٌ وتكلف يذهب رونق النظم ، وماء الفصاحة . لا سيما وآي التنزيل يفسر بعضها بعضاً . والآية الثانية التي ذكرناها بمعنى هذه . وتلك لا تحتمل ذاك المعنى ، فكذا هذه { لَهُ ٱلْحُكْمُ } أي : القضاء النافذ في الخلق { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي : يوم معادكم فيجزيكم بأعمالكم ، إن خيراً فخير وإن شراً فشر .