Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 41-44)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً } أي : تعتمد على قوته وتظنه محيطاً بها ، دافعاً عنها الحرّ والبرد { وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ } أي : أضعفها { لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ } أي : لأنه لا يحتمل مسّ أدنى الحيوانات وأضعف الرياح . ولا يدفع شيئاً من الحرّ والبرد . وهذا مثلهم { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أي : شيئاً مّا . أو إن أولياءهم أوهى من ذلك ثم الغرض من التشبيه هو تقرير وهن دينهم ، وإنه بلغ الغاية فيه ، وهو إما تشبيه مركب من الهيئة المنتزعة ، فمدار قطب التمثيل على أن أولياءهم بمنزلة نسج العنكبوت في ضعف الحال وعدم الصلاحية للاعتماد . وعلى هذا فقوله : { وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ } تذييل يعرّف الغرض من التشبيه . وقوله : { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } إيغال في تجهيلهم . لأنهم لا يعلمونه مع وضوحه لدى من له أدنى مسكة . وإما أن يكون من تشبيه المفرد ، لأن المقصود بيان حال العابد والمعبود وفي الآية لطائف بيانية ذكرت في المطولات . وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ } بالياء والتاء في ( تدعون ) قراءتان . و ( ما ) إما استفهامية منصوبة بـ ( يدعون ) و ( من ) الثانية للتبيين . أو نافية و ( من ) مزيدة . و ( شيء ) مفعول ( تدعون ) أو مصدرية بمعنى الدعوة و ( شيء ) مصدر بمعناه أيضاً . أو موصولة مفعول لـ ( يعلم ) ومفعول ( يدعون ) عائده المحذوف . والكلام على الأولين تجهيل لهم وتوكيد للمثل . وعلى الآخرين وعيد لهم . أفاده القاضي { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ * وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ } يعني : هذا المثل ونظائره في التنزيل { نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } أي : ليقرب ما بعد من أفهامهم . فإن الأمثال والتشبيهات طرق تبرز فيها المعاني المحتجبة للأفهام { وَمَا يَعْقِلُهَآ } أي : يدرك حسنها وفوائدها { إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ } أي : الراسخون في العلم الكاملون فيه . وعن عمرو بن مرة قال : ما مررت بآية من كتاب الله لا أعرفها ، إلا أحزنني . لأني سمعت الله تعالى يقول : { وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ } { خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } أي : محقّاً مراعياً للحكم والمصالح ، مقدساً عن أن يقصد به باطلا . فالباء للملابسة ، والجار والمجرور حال . وهذا كقوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ } [ الدخان : 38 ] { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } .