Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 57-61)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } تحريض على العبادة وإخلاص الدين بتذكير الموت والرجعى . أو تسلية للمهاجر إلى الله ، وتشجيع له ، بأن لا يثبطه عن هجرته خوف الموت بسببها . فلا المقام بأرضه يدفعه ، ولا هجرته عنه تمنعه . وفيه استعارة بديعة لتشبيه الموت بأمر كريه الطعم ، مُرِّه { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ * ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } أي : على مفارقة الأوطان والهجرة لأجل الدين . وعلى أذى المشركين وعلى المحن والمصائب { وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } ثم أشار تعالى إلى كفالته لمن هاجر إليه ، من الفقر والضيعة ، بقوله سبحانه : { وَكَأَيِّن } أي : وكم { مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا } أي : لا تطيق أن تحمله لضعفها عن حمله { ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ } أي : يقيّض لها رزقها على ضعفها ويرزقكم مع قوتكم واجتهادكم فهو الميسّر والمستهل لكل مخلوق من رزقه ما يصلحه . فلا يختص : رزقه ببقعة دون أخرى ، بل خيره عامّ وفضله شامل لخلقه ، حيث كانوا وأنَّى وجدوا . وقد ظهر مصداق كفالته تعالى لأولئك المهاجرين ، بما وسع عليهم وبسط لهم من طيب الرزق ورغد العيش وسيادة البلاد في سائر الأمصار . وهذا معنى ما ورد مرفوعا " سافروا تصحوا وتغنموا " رواه البيهقيّ . { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ * وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } يعني : هؤلاء المشركين الذين يعبدون معه غيره { مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } أي : اعترافاً بأنه المنفرد بخلقها { فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } أي : فكيف مع هذا الاعتراف يصرفون عن عبادته وحده ، ويشركون به ما لا يضر ولا ينفع . وكثيرا ما يقرر تعالى مقام الإلهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية . وقد كان المشركون يعرفون بذلك .