Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 151-151)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ } أي : الذي يمنعهم من الهجوم عليكم والإقدام على حرمكم { بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ } أي : بكونه إلهاً أو متصفاً بصفاته أو مستحقاً للعبادة { سُلْطَاناً } أي : حجة قاطعة ينبني عليها الاعتقادات { وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ } هي . والمثوى : المقر والمأوى والمقام . من ثوى يثوي . لطائف الأولى : أفادت الآية أن ذلك الرعب بسبب ما في قلوبهم من الشرك بالله ، وعلى قدر الشرك يكون الرعب . قال القاشانيّ : جعل إلقاء الرعب في قلوب الكفار مسبباً عن شركهم لأن الشجاعة وسائر الفضائل اعتدالات في قوى النفس لتنورها بنور التوحيد ، فلا تكون تامة إلا للموحد الموقن في توحيده . وأما المشرك فلأنه محجوب عن منيع القدرة بما أشرك بالله من الموجود المشوب بالعدم الذي لم يكن له بحسب نفسه قوة ، ولم ينزل الله بوجوده حجة ، فليس له إلا العجز والجبن وجميع الرذائل . وقال القفال رحمه الله : كأنه قيل : إنه وإن وقعت لكم هذه الواقعة في يوم أُحُد إلا أن الله تعالى سيلقي الرعب منكم بعد ذلك ، في قلوب الكافرين ، حتى يقهر الكفار . ويظهر دينكم على سائر الأديان ، وقد فعل الله ذلك ، حتى صار دين الإسلام قاهراً لجميع الأديان والملل - انتهى . وقد ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ، وكان النبيّ يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس كافة ، وأُعطيتُ الشفاعة " . الثانية : في ذكر عدم تنزيل الحجة مع استحالة تحققها في نفسها ، إشعار بنفيها ونفي نزولها جميعاً ، لأن ما لم ينزل به سلطاناً ، لا سلطان له . الثالثة : قال أبو السعود : في الآية إيذان بأن المتبع في الباب هو البرهان السماويّ ، دون الآراء والأهواء الباطلة . وقد سبقه إلى ذلك الرازيّ حيث قال : هذه الآية دالة على فساد التقليد . وذلك لأن الآية دالة على أن الشرك لا دليل عليه ، فوجب أن يكون القول به باطلاً . وهذا إنما صح إذا كان القول بإثبات ما لا دليل على ثبوته ، يكون باطلاً ، فيلزم فساد القول بالتقليد - انتهى . ثم أخبرهم أنه صدقهم وعده في النصر على عدوه ، وهو الصادق الوعد ، وأنهم لو استمروا على الطاعة ولزموا أمر الرسول لاستمرت نصرتهم ، ولكن انخلعوا عن الطاعة ، وفارقوا مركزهم ففارقهم النصر ، فصرفهم عن عدوهم عقوبة وابتلاء وتعريفاً لهم سوء عواقب المعصية وحسن عاقبة الطاعة بقوله : { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ … } .