Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 184-184)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَإِن كَذَّبُوكَ } أي : بعد بطلان عذرهم المذكور { فَقَدْ كُذِّبَ } أي : فلا تحزن وتسلَّ فقد كذب { رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ } جمع زبور أي الكتب الموحاة منه تعالى { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ } أي : الواضح الجليّ . والزبور والكتاب : واحد في الأصل , وإنما ذكرا لاختلاف الوصفين . فالزبور فيه حكم زاجرة , والكتاب المنير هو المشتمل على جميع الشريعة . فائدة : في قربان أهل الكتاب وتشريعه عندهم اعلم أن القربان ( بضم القاف ) معناه ، لغةً : ما يتقرب به إلى الله تعالى وسيلةً لمرضاته . قال في مرشد الطالبين : كانت ذبائح العبرانيين عديدة جداً , وكان المستعمل لهذه الذبيحة , بتعيين الله , الثيران والنعاج والمعز والحمام واليمام . وكانت الذبائح نوعين عامين : إحداهما كانت تقرب لتكفير الخطايا , والأخرى شكراً لله على مراحمه وبركاته . ثم قال : فالذبيحة اليومية كانت مشهورة جداً , وهي خروف بلا عيب , يقدم وقوداً لله كفارة للخطايا , وذلك مرتان صباحاً ومساءً , طول مدة السنة , فالتي في الصباح تقدم عن خطايا الشعب ليلاً , والتي في المساء عن خطاياهم نهاراً . وقبل فعل الذبيحة تعترف كل الشعوب بخطاياها فوق الحيوان المراد ذبحه على يد الكاهن الخادم , وبهذا كان ينقل الإثم إليه بواسطة وضع وكلاء الشعب أيديهم على رأسه , ثم يذبح ويقرب وقوداً . وفي غضون ذلك تسجد الجماعة في الدار , وتبخر الكهنة على المذابح الذهبية , ويقدمون الطلبات لله عن الشعب . وأما في يوم السبت , فكانت تتضاعف الذبيحة , ويقرب في كل دفعة خروفان . ثم قال : يوم الكفارة كان ممتازاً بالذبيحة السنوية , وهي أنه بعد أن يقرب الكاهن ثوراً كفارة لخطايا عائلته يقرب ماعزان كفارة لخطايا الشعب - انتهى . وقد أشير لكيفية ذبح القربان في مواضع من التوراة . منها سفر الخروج في الفصل التاسع والعشرين ، ومنها في الفصل الأول من سفر الأحبار المسمين باللاويين ونصه : ودعا الرب موسى وخاطبه من خباء المحضر قائلاً : خاطب بني إسرائيل وقل لهم : أي : إنسان منكم قرب قرباناً للرب من البهائم فمن البقر والغنم يقربون قرابينهم إن كان قربانه محرقة من البقر , فذكرا صحيحاً يقربه عند باب خباء المحضر يقربه للرضوان عنه , وضع يده على رأس المحرقة ، ويترضى به ليغفر له , ثم يذبح الثور ويقرب الكهنة بنو هارون الدم وينضحون الدم على المذبح , وما أحاط به في باب قبة الشهادة - يعني التابوت الذي كان فيه لوحا التوراة المسماة شهادة - ثم يسلخون المحرقة , ويقطعونها قطعاً , ثم يوقدون ناراً على المذبح , وينضدون الحطب على النار , ثم يجعلون الأعضاء المقطعة الرأس والشحم على الحطب الذي على النار على المذبح , ويغسلون أكارعه وجوفه بالماء , ثم يصعده الكاهن ويجعله على المذبح وقوداً وقرباناً لرضا الرب … الخ . وفي الفصل السادس من سفر الأحبار : وكلم الرب موسى قائلاً : مُرْ هارون وبنيه , وقل لهم : هذه شريعة المحرقة , تكون المحرقة على وقيدة المذبح طول الليل إلى الغداة , ونار المذبح متقدة عليه , ويلبس الكاهن قميصه من الكتان , وسراويلات من الكتان على بدنه , ويرفع الرماد الذي آلت إليه نار المحرقة على المذبح ويجعله إلى جانب المذبح , ثم يخلع ثيابه ويلبس ثياباً أخر , ويخرج الرماد إلى خارج المحلة إلى موضع طاهر , وتبقى النار على المذبح متقدة لا تطفأ , ويضع عليها الكاهن حطباً في كل غداة . … الخ . وقال بعضهم : زعم الربانيون أن النار التي كانت في هيكل سليمان ، والتي أمر اليهود بحفظها دون أن تطفأ البتة ، كان أصلها من النار التي نزلت من السماء بعد تقدمة هارون وأبنائه المحرقات ، وأنها بقيت إلى أيام خراب الهيكل على يد بختنصر ، إلا أنه ليس في التوراة ما يصرح بذلك - انتهى . وهذه النار التي نزلت من السماء جاء ذكرها في الفصل التاسع من سفر الأحبار وملخصه : أن موسى أمر هارون عليهما السلام أن يذبح قرباناً , فذبح عجلاً وأحرق لحمه وجلده خارج المحلة ، وأما شحمه وكليتاه وزيادة كبده فقترها على المذبح ، ثم قرب تيساً وثوراً وكبشاً بكيفية خاصة ، ثم دخل موسى وهارون خباء المحضر ، فخرجت نار من عند الرب ، فأكلت المحرقة والشحوم التي على المذبح ، فنظر جميع الشعب وهتفوا مسبحين وسجدوا - انتهى . إذا علمت ذلك ، فقوله تعالى : { تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ } [ آل عمران : 183 ] بمعنى أن يذبح على الكيفية المعروفة ، ثم تنزل نار من السماء فتأكله ، وتكون معجزة وآية كما حصل في عهد موسى وهارون من نزول النار وأكلها المحرقة ، كما ذكرنا . وفي عهد سليمان أيضاً ، فقد جاء في الفصل التاسع من سفر أخبار الأيام الثاني : أن سليمان لما أتم الدعاء هبطت النار من السماء وأكلت المحرقة والذبائح ، وكان جميع بني إسرائيل يعاينون هبوط النار - انتهى .