Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 185-185)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ } كقوله : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } [ الرحمن : 26 - 27 ] . وفي هذه الآية تعزية لجميع الناس ، ووعد ووعيد للمصدق والمكذب { وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي : تعطون جزاء أعمالكم وافياً يوم القيامة ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر . قال الزمخشريّ : فإن قلت : فهذا يوهم نفي ما يروى أن القبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار . قلت : كلمة التوفية تزيل هذا الوهم ، لأن المعنى أن توفية الأجور وتكميلها يكون ذلك اليوم ، وما يكون قبل ذلك فبعض الأجور . وقال الرازيّ : بيّن تعالى أن تمام الأجر والثواب لا يصل إلى المكلف إلا يوم القيامة ، لأن كل منفعة تصل إلى المكلف في الدنيا فهي مكدرة بالغموم والهموم ، وبخوف الانقطاع والزوال ، والأجر التام والثواب الكامل إنما يصل إلى المكلف يوم القيامة ، لأن هناك يحصل السرور بلا غم . والأمن بلا خوف ، واللذة بلا ألم ، والسعادة بلا خوف الانقطاع . وكذا القول في العقاب ، فإنه لا يحصل في الدنيا ألم خالص عن شوائب اللذة ، بل يمتزج به راحات وتخفيفات ، وإنما الألم التام الخالص الباقي هو الذي يكون يوم القيامة ؛ نعوذ بالله منه . { فَمَن زُحْزِحَ } أي أبعد { عَنِ ٱلنَّارِ } التي هي مجمع الآفات والشرور { وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ } الجامعة للَّذات والسرور { فَقَدْ فَازَ } أي : حصل الفوز العظيم ، وهو الظفر بالبغية ، أعني النجاة من سخط الله والعذاب السرمد ، ونيل رضوان الله والنعيم المخلد . وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة ، فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه " وأخرجه مسلم أيضاً { وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } أي : لذاتها { إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ } المتاع : ما يتمتع وينتفع به ، والغرور ( بضم الغين ) مصدر غره أي : خدعه وأطمعه بالباطل ، وإنما وصف عيش الدنيا بذلك لما تمنّيه لذاتها من طول البقاء ، وأمل الدوام ، فتخدعه ثم تصرعه . قال بعض السلف : الدنيا متاع متروك يوشك أن يضمحل ويزول . فخذوا من هذا المتاع واعملوا فيه بطاعة الله ما استطعتم .