Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 54-55)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } قرئ بفتح الضاد وضمها . أي : من أصل ضعيف هو النطفة { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ } يعني : حال الطفولة والنشء { قُوَّةً } يعني : حال البلوغ والشبيبة إلى الاكتهال وبلوغ الأشُدّ { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً } أي : بالشيخوخة والهرم { يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } أي : من الأشياء . ومنها هذه الأطوار التي يتقلب بها الإنسان { وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْقَدِيرُ } أي : الواسع العلم والقدرة . كيف ؟ وهذا الترديد في الأحوال المختلفة والتغيير من صفة إلى صفة ، أظهر دليل على علم الصانع سبحانه وقدرته ، المستتبع انفراده بالألوهية . { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ } أي : في الدنيا أو القبور . وإنما يقدرون وقت لبثهم بذلك على وجه استقصارهم له . أو ينسون أو يكذبون أو يخمنون { كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } أي : مثل ذلك الصرف كانوا يصرفون عن الصدق والتحقيق في الدنيا . وهكذا كانوا يبتون أمرهم على خلاف الحق . كذا في الكشاف . وقال ابن كثير : يخبر تعالى عن جهل الكفار في الدنيا والآخرة . ففي الدنيا فعلوا ما فعلوا من عبادة الأوثان . وفي الآخرة يكون منهم جهل عظيم أيضاً . فمنه إقسامهم بالله أنهم ما لبثوا غير ساعة واحدة في الدنيا . ومقصودهم بذلك عدم قيام الحجة عليهم ، وأنهم لم ينظروا حتى يعذر إليهم . انتهى . وقال الشهاب : المراد من قوله : { كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } [ الروم : 55 ] تشابه حاليهم في الكذب وعدم الرجوع إلى مقتضى العلم لأن مدار أمرهم على الجهل والباطل . والغرض من سوق الآية وصف المجرمين بالتمادي في الباطل ، والكذب الذي أَلِفُوه . انتهى . قيل : كان قسمهم استقلالاً لأجل الدنيا ، لما عاينوا الآخرة ، تأسفاً على ما أضاعوا في الدنيا .