Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 7-8)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } وهو ما يوافق شهواتهم وأهواءهم { وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ } أي : التي هي المطلب الأعلى { هُمْ غَافِلُونَ } أي : لا يخطرونها ببالهم . فهم جاهلون بها تاركون لعملها . لطائف قال الزمخشري : قوله تعالى : { يَعْلَمُونَ } بدل من قوله ( لا يعلمون ) وفي هذا الإبدال من النكتة ، أنه أبدله منه وجعله بحيث يقوم مقامه ويسدّ مسدّه ، ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل ، وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا . وقوله : { ظَاهِراً } يفيد أن للدنيا ظاهراً وباطناً ، فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها والتنعم بملاذها . وباطنها وحقيقتها أنها مجاز إلى الآخرة ، يتزود منها إليها بالطاعة والأعمال الصالحة . انتهى . وناقش الكرخيّ في إبدال { يَعْلَمُونَ } قال : إن الصناعة لا تساعد عليه . لأن بدل فعل مثبت ، من فعل منفيّ لايصح . واستظهر قول الحوفيّ ؛ أن { يَعْلَمُونَ } استئناف في المعنى . وأشار الناصر إلى جوابه بأن في تنكير { ظَاهِراً } تقليلا لمعلومهم . وتقليله يقربه من النفي ، فيطابق المبدل منه . أقول : التقليل هو الوحدة المشار لها بقول الزمخشري : وفي تنكير الظاهر أنهم لا يعلمون إلا ظاهراً واحداً ، من جملة الظواهر . وأما قول أبي السعود : وتنكير { ظَاهِراً } للتحقير والتخسيس دون الوحدة كما توهم ، فغفلة عن مشاركتها للتعليل الذي به يطابق البدل المبدل منه . فافهم . ثم أنكر عليهم قصر نظرهم على ما ذكر من ظاهر الحياة الدنيا ، مع الغفلة عن الآخرة بقوله : { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ } أي : يحدثوا التفكر في أنفسهم ، الفارغة من الفكر والتفكر . فالمجرور ظرف للتفكر ، وذكره لزيادة التصوير . إذ الفكر لا يكون إلا في النفس . والتفكر لا متعلق له ، لتنزيله منزلة اللازم . وجوز كون المجرور مفعول ( يتفكروا ) لأنه يتعدى بـ ( في ) أي : أو لم يتفكروا في أمر أنفسهم . فالمعنى حثهم على النظر في ذواتهم وما اشتملت عليه من بديع الصنع ، وقوله تعالى : { مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } متعلق بقولٍ أو علمٍ . يدل عليه السياق . أي : ألم يتفكروا فيقولوا أو فيعلموا . وقال السمين : ( ما ) نافية . وفي هذه الجملة وجهان : أحدهما : أنها مستأنفة لا تعلق لها بما قبلها . والثاني : أنها معلقة للتفكر . فيكون في محل نصب على إسقاط الخافض . انتهى . والباء في قوله ( بالحق ) للملابسة . أي : ما خلقها باطلا ولا عبثا بغير حكمة بالغة ، ولا لتبقى خالدة ، وإنما خلقها مقرونة بالحق ، مصحوبة بالحق { وَأَجَلٍ مُّسَمًّى } أي : وبتقدير أجل مسمى ، لا بدّ لها من أن تنتهي إليه ، وهو قيام الساعة ووقت الحساب والثواب والعقاب . ولذا عطف عليه قوله : { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ } .