Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 18-19)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ } أي : لا تعرض بوجهك عنهم ، إذا كلمتهم أو كلموك ، احتقارا منك لهم ، واستكبارا عليهم . ولكن ألِنْ جانبك ، وابسط وجهك إليهم . كما جاء في الحديث " ولو أن تلقى أخاك ووجهك منبسط " { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً } أي : خيلاء متكبرا { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ } أي : معجب في نفسه { فَخُورٍ } أي : على غيره { وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ } أي : توسط بين الدبيب والإسراع { وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ } أي : انقص من رفعه ، وأقصر ، فإنه يقبح بالرفع حتى ينكره الناس ، إنكارهم على صوت الحمير . كما قال : { إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ } معللا للأمر على أبلغ وجه وآكده و ( أنكر ) بمعنى أوحش . من قولك : ( شيء نكر ) إذا أنكرته النفوس واستوحشت منه ونفرت . كما يقال في العرف للقبيح ( وحش ) وأصله ضد الأنس والألفة . فهو إما مجاز أو كناية . قال الزمخشري : الحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة ، وكذلك نهاقه . ومن استفحاشهم لذكره مجردا ، وتفاديهم من اسمه ، أنهم يكنون عنه ويرغبون عن التصريح به . فيقولون ( الطويل الأذنين ) كما يكنى عن الأشياء المستقذرة . وقد عُدّ في مساوي الآداب ، أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم من أولي المروءة ، ومن العرب من لا يركب الحمار استنكافا ، وإن بلغت منه الرحلة . فتشبيه الرافعين أصواتهم بالحمير ، وتمثيل أصواتهم بالنهاق ، ثم إخلاء الكلام من لفظ التشبيه ، وإخراجه مخرج الاستعارة ، وأن جعلوا حميرا ، وصوتهم نهاقا - مبالغة شديدة في الذم والتهجين ، وإفراط في التثبيط عن رفع الصوت والترغيب عنه . وتنبيه على أنه من كراهة الله بمكان . انتهى . تنبيه جاء ذكر لقمان في أحاديث مرفوعة . منها ما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر أن رسول اله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لقمان الحكيم كان يقول : إن الله إذا استودع شيئاً حفظه " وروى ابن أبي حاتم عن القاسم بن مخيمرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال لقمان الحكيم لابنه وهو يعظه : يا بنيّ إياك والتقنع ، فإنه مخوفة بالليل ، مذمة بالنهار " . ومن الآثار فيه ما رواه ابن أبي حاتم عن السريّ بن يحيى قال : قال لقمان لابنه : يا بنيّ إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك . وعن عون بن عبد الله قال : قال لقمان لابنه : يا بنيّ ! إذا أتيت نادي قوم فارمهم بسهم الإسلام ( يعني السلام ) ثم اجلس في ناحيتهم ، فلا تنطق حتى تراهم قد نطقوا . فإن أفاضوا في ذكر الله فأجِل سهمك معهم . وإن أفاضوا في غير ذلك فتحول عنهم إلى غيرهم . نقله ابن كثير رحمه الله . ثم نبه تعالى خلقه على نعمه الوافرة المستتبعة انفراده بالألوهية ، فقال سبحانه : { أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ }