Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 10-12)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالُوۤاْ } أي : كفار مكة { أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ } أي : صرنا تراباً مخلوطاً بتراب الأرض لا نتميز منه ، أو غبنا فيها { أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } أي : نجدد بعد الموت { بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ } أي : بالبعث بعد الموت للجزاء والحساب { كَافِرُونَ } أي : جاحدون . قال أبو السعود : إضراب وانتقال من بيان كفرهم بالبعث ، إلى بيان ما هو أبلغ وأشنع منه ، وهو كفرهم بالوصول إلى العاقبة ، وما يلقونه فيها من الأحوال والأهوال جميعا { قُلْ } أي : بياناً للحق ورداً على زعمهم الباطل { يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ } أي : يقبض أرواحكم { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } أي : بالبعث للحساب والجزاء . فائدة قال ابن أبي الحديد في ( شرح نهج البلاغة ) في هذه الآية : مذهب جمهور أصحابنا أن الروح جسم لطيف بخاريّ يتكوّن من ألطف أجزاء الأغذية ، ينفذ في العروق ، حالّة فيها . وكذلك للقلب ، وكذلك للكبد . وعندهم أن لملك الموت أعوانا تقبض الأرواح بحكم النيابة عنه . لولا ذلك لتعذر عليه وهو جسم أن يقبض روحين في وقت واحد في المشرق والمغرب ، لأن الجسم الواحد لا يكون في مكانين ، في وقت واحد . قال أصحابنا : ولا يبعد أن يكون الحفظة الكاتبون هم القابضون للأرواح عند انقضاء الأجل . قالوا : وكيفية القبض ، ولوج الملَك من الفم إلى القلب ، لأنه جسم لطيف هوائيّ ، لا يتعذر عليه النفوذ في المخارق الضيقة ، فيخالط الروح ، التي هي كالشبيهة بها ، لأنها بخاريّ . ثم يخرج من حيث دخل ، وهي معه . وإنما يكون ذلك في الوقت الذي يأذن الله تعالى له فيه وهو حضور الأجل . فألزموا على ذلك أن يغوص الملَك في الماء مع الغريق ليقبض روحه تحت الماء . فالتزموا ذلك ، وقالوا : ليس بمستحيل أن يتخلل الملَك الماء في مسامّ الماء ، فإن فيه مسامّ ومنافذ وفي كل جسم . على قاعدتهم في إثبات المسامّ في الأجسام . قالوا : ولو فرضنا أنه لا مسامّ فيه ، لم يبعد أن يلجه الملَك فيوسع لنفسه مكانا ، كما يلجه الحجر والسمك ، وغيرهما . وكالريح الشديدة التي تقرع ظاهر البحر فتقعره وتحفره . وقوة الملك أشد من قوة الريح . انتهى . والأوْلى الوقوف ، فيما لم تعلم كيفيته ، عند متلوّه وعدم مجاوزته ، أدباً عن التهجم على الغيب وتورعاً عن محاولة مالا يُبلغ كنهه ، وأسوة بما مضى عليه من لم يخض فيه ، وهم الخيرة والأسوة ، والله أعلم . { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ } وهم القائلون تلك المقالة الشنعاء { نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ } أي : مطأطئوها من الحياء والخزي لما قدمت أيديهم { رَبَّنَآ } أي : يقولون ربنا { أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } أي : علمنا ما لم نعلم ، وأيقنا بما لم نكن به موقنين { فَٱرْجِعْنَا } أي : إلى الدنيا { نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } أي : مقرّون بك وبكتابك ورسولك والجزاء .