Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 32, Ayat: 23-24)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ } أي : التوراة { فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ } أي : لقاء الكتاب الذي هو القرآن . وعودُ الضمير إلى الكتاب المتقدم ، والمراد غيره على طريق الاستخدام ، أو إرادة العهد ، أو تقدير مضاف ، أي : تلقي مثله ، أي : فلا تكن في مرية من كونه وحيا متلقى من لدنه تعالى . والمعنى : إنا آتينا موسى مثل ما آتيناك من الكتاب . ولقيّناه من الوحي مثل ما لقيناك . فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله ونهيه صلى الله عليه وسلم عن الشك المقصود به نهي أمته والتعريض بمن صدر منه مثله . { وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } أي : من الضلالة . { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا } أي : قادة بالخير يدعون الخلق إلى أمرنا وشرعنا { لَمَّا صَبَرُواْ } أي : على العمل به والاعتصام بأوامره { وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } أي : يصدقون أشد التصديق وأبلغه . والمعنى : كذلك لنجعلن الكتاب الذي آتيناكه ، هدى لأمتك ، ولنجعلن منهم أئمة يهدون مثل تلك الهداية . ويؤخذ من فحوى الآية ، أن بني إسرائيل لما نبذوا الاعتصام بالكتاب ، ونبذوا الصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفقدوا الاستيقان بحقيّة الإيمان ، فغيروا وبدلوا ، سلبوا ذلك المقام ، وأَديل عليهم انتقاما منهم . وتلك سنته تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [ الرعد : 11 ] ففي طيّ هذا الترغيب ، ترهيب وأي ترهيب .