Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 20-21)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَحْسَبُونَ ٱلأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُواْ } أي : لم ينهزموا بما أرسل عليهم من الريح والجنود . وأن لهم عودة إليهم لخورهم واضطرابهم { وَإِن يَأْتِ ٱلأَحْزَابُ } أي : مرة آخرى { يَوَدُّواْ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي ٱلأَعْرَابِ } أي : فلا يذهبون إلى قتالهم ، ولا يستقرّون في المدينة ، بل يتمنون أنهم خارجون إلى البدو بين الأعراب ، وإن لحقهم عار جبنهم { يَسْأَلُونَ } أي : القادمين { عَنْ أَنبَآئِكُمْ } أي : عما جرى لكم . ثم أشار تعالى إلى أنه لا يضر خروجهم عن المدينة ، لو أتى الأحزاب ، بقوله : { وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ } أي : في حدوث واقعة ثانية { مَّا قَاتَلُوۤاْ إِلاَّ قَلِيلاً } أي : رياء وخوفا من التعيير . { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } أي : في أخلاقه وأفعاله قدوة حسن ، إذ كان منها ثباته في الشدائد وهو مطلوب . وصبره على البأساء والضراء وهو مكروب ومحروب . ونفسه في اختلاف الأحوال ساكنة ، لا يخور في شديدة ولا يستكين لعظيمة أو كبيرة . وقد لقي بمكة من قريش ما يشيب النواصي ، ويهدّ الصياصي . وهو مع الضعف يصابر صبر المستعلي ، ويثبت ثبات المستولي . ومن صبر على هذه الشدائد في الدعاء إلى الله تعالى ، وهو الرفيع الشأن ، كان غيره أجدر إن كان ممن يتبع بإحسان { لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } أي : رضوان الله ورحمته وثواب اليوم الآخر ونجاته . فإنه يؤثرهما على الحياة الدنيا ، فلا يجبن . إذ لا يصح الجبن لمن صح اقتداؤه برسول الله صلى الله عليه وسلم ، لغاية قبحه { وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } أي : وقرن بالرجاء ذكره تعالى بكثرة . أي ذكر أمره ونهيه ووعده ووعيده . فأدرك مواطن السعادة ومهاوي الشقاوة . وعلم أن في الثبات على قتل العدوّ ، تطهير الأرض من الفساد ، وتزيينها بالحق والصلاح والسداد . مما جزاؤه سعادة الدارين ، والفوز بالحسنيين . ثم بيّن تعالى ما كان من المؤمنين المخلصين في تلك الشدة ، بعد بيان ما كان من غيرهم ، بقوله سبحانه : { وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ … } .