Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 37-39)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } أي : بالإسلام ومتابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلم ، وهو زيد بن حارثة { وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } أي : بالعتق والحرية والاصطفاء بالولاية والمحبة وتزويجه بنت عمتك زينب بنت جحش . قال ابن كثير : كان سيداً كبير الشأن جليل القدر ، حبيباً إلى النبي صلّى الله عليه وسلم يقال له : ( الحِب ) ويقال لابنه أسامة : ( الحِب ابن الحِب ) قالت عائشة رضي الله عنها : ما بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم في سرية إلا أمّره عليهم . ولو عاش بعده لاستخلفه . رواه الإمام أحمد . { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ } أي : لا تطلقها { وَٱتَّقِ ٱللَّهَ } أي : اخشه في أمرها فإن الطلاق يشينها وقد يؤذي قلبها ، وارعَ حق الله في نفسك أيضا . فربما لا تجد بعدها خيراً منها . وكانت تتعظم عليه بشرفها ، وتؤذيه بلسانها . فرام تطليقها متعللا بتكبرها وأذاها فوعظه صلّى الله عليه وسلم وأرشده إلى الصبر والتقوى { وَتُخْفِي } أي : تضمر { فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ } أي : من الحكم الذي شرعه . أي : تقول ذلك ، وأنت تعلم أن الطلاق لا بد منه ، وأن لا منتدح عن امتثال أمر الله بنفسك ، لتكون أسوة لمن معك ولمن يأتي بعدك . وإنما غلبك في ذلك الحياء ، وخشية أن يقولوا تزوج محمد مطلقة متبناه . وهذا معنى قوله تعالى : { وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ } أي : قالتهم وتعييرهم الجاهليّ { وَٱللَّهُ } أي : الذي ألهمك ذلك وأمرك به { أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } أي : فكان عليك أن تمضي في الأمر من أول وهلة تعجيلا بتنفيذ كلمته وتقدير شرعه ، ثم زاده بيانا بقوله : { فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً } أي : حاجة بالزواج { زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ } أي : ضيق من العار في النكاح زوجات أدعيائهم { إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً } أي بموت أو طلاق أو فسخ نكاح . { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } أي : قضاؤه واقعاً ، ومنه تزويجك زينب . { مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ } أي : مأثم وضيق { فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُ } أي : كتبه له من التزويج وأباحه له وسن شريعة مُثْلى في وقوعه { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ } أي : الرسل عليهم السلام . وهو أن لا حرج عليهم في الإقدام على ما أباح لهم ووسع عليهم في باب النكاح وغيره . فإنه كان لهم الحرائر والسراري وتناول المباحات والطيبات وبهداهم القدوة { وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً } أي : قضاءً مقضياً . أي : لا حرج على أحد فيما أحل له . ثم وصف شأنهم بقوله : { ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ } أي : أحكامه ، وأوامره ونواهيه ويصدعون بها { وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ } أي : لا يخافون قالة الناس ، ولائمتهم ولا يبالون بها في تشريعه ولا ريب أن سيّد الناس في هذا المقام ، بل وفي كل مقام ، حضرة نبينا عليه الصلاة والسلام . كما علم من قيامه بالتبليغ بالقوة ، والفعل أبلغ قيام { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً } أي : حافظاً لأعمال خلقه . وكافيا للمخاوف .