Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 52-52)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } أي : من بعد النساء اللاتي نصّ إحلالهن لك في الآية قبلُ . وانظر إلى تكريمه تعالى لنبيه صلوات الله عليه حيث لم يقل له ( وحرم عليك ما وراء ذلك ) كما خاطب المؤمنين بنظيره ، لتعلم كيف تتفاوت الناس بالخطاب تفاوتهم في رفيع الدرجات . ولم أر أحداً نبه على ذلك ، فاحرص عليه فيه وفي أمثاله . قال مجاهد في الآية : أي لا يحل لك يهودية ولا نصرانية ولا كافرة { وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } أي : فلك التسرّي بهن وإن كن كتابيات أو مشركات ، لأنه ليس لهن ما للحرائر { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً } أي : حيث أحل ما أحل وحظر ما حظر للنبيّ وللأمة ، في بيانٍ لا خفاء معه وحكمة لا حيف معها . وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن معنى الآية هو حظر نكاح ما بعد التسع اللاتي عنده صلّى الله عليه وسلم . وأن التسع نصابه كالأربع لغيره ، وأن ذلك جزاء لاختيارهن إياه لما خيّرهن . كما تقدم في الآية . ثم قالوا إنه تعالى رفع الحرج عنه في ذلك ، ونسخ حكم هذه الآية ، وأباح له التزوج ، لكنه لم يفعله إتماماً للمنّة عليهن . ومنهم من قال إنها محكمة . وكل ذلك لا برهان معه ، وتفكيك للمعنى ، وغفلة عن سر تكريمه صلوات الله عليه بمقصود الخطاب . وقد وهم في هذا المعنى زياد - رجل من الأنصار - فرده أُبيّ رضي الله عنه ، إلى صواب المعنى . وذلك فيما رواه عبد الله ابن أحمد وابن جرير ؛ أن زياداً قال لأُبي بن كعب : أرأيت لو أن أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلم تُوُفِّين ، أما كان له أن يتزوج ؟ فقال : وما يمنعه من ذلك ؟ قال : قوله تعالى : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } فقال له : إنما أحل الله له ضربا من النساء . فقال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ } [ الأحزاب : 50 ] إلى قوله : { إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } [ الأحزاب : 50 ] ثم قيل له : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } . وروى الترمذي عن ابن عباس قال : نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات ، بقوله تعالى : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } الآية . فحرم كل ذات دين غير الإسلام . والمطلع على ما كتبوه هنا ، يأخذه العجب من البعد عن مقصدها . فالحمد لله على إلهام الحق وتعليمه . تنبيه قال في ( لباب التأويل ) : في قوله تعالى : { وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } دليل على جواز النظر من الرجل إلى التي يريد نكاحها من النساء . ويدل عليه ما روي عن جابر قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : " إذا خطب أحدكم المرأة ، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها ، فليفعل " أخرجه أبو داود . وروى مسلم عن أبي هريرة ؛ أن رجلاً أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار . فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلم : " انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً " قال الحميديّ : يعني هو الصِّغَر . وعن المغيرة بن شعبة قال : " خطبتُ امرأةً . فقال لي النبيّ صلّى الله عليه وسلم : " هل نظرت إليها ؟ " قلت : لا . قال : " فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " . أخرجه الترمذي وحسنه .