Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 6-6)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } أي : في كل شيء من أمور الدين والدنيا . فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم ، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها ، وحقه آثر لديهم من حقوقها ، وشفقتهم عليه أقدم من شفقتهم عليها ، وأن يبذلوها دونه ، ويجعلوها فداءه إذا أعضل خطب ، ووقاءه إذا لقحت حرب . وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم ، ولا ما تصرفهم عنه . ويتبعوا كل ما دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرفهم عنه . لأن كل ما دعا إليه فهو إرشاد لهم إلى نيل النجاة والظفر بسعادة الدارين . وما صرفهم عنه ، فأخذ بحجزهم لئلا يتهافتوا فيما يرمي بهم إلى الشقاوة وعذاب النار . أفاده الزمخشري . وهذا كما قال تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } [ النساء : 65 ] ، وفي الصحيح : " والذي نفسي بيده ! لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين " . { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } أي : في وجوب تعظيمهن واحترامهن ، وتحريم نكاحهن ، وفيما عدا ذلك كالأجنبيات . لذا قال ابن كثير : ولكن لا تجوز الخلوة بهن . ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع . وإن سمى بعض العلماء بناتهن ، أخوات المؤمنين . كما هو منصوص الشافعيّ رضي الله عنه في ( المختصر ) وهو من باب إطلاق العبارة ، لا إثبات الحكم . وهل يقال لمعاوية وأمثاله ، خال المؤمنين ، فيه قولان : وعن الشافعيّ أنه يقال ذلك . وهل يقال له صلى الله عليه وسلم : أبو المؤمنين ، فيه قولان : فصح عن عائشة المنع ، وهو أصح الوجهين للشافعية لقوله تعالى : { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } [ الأحزاب : 40 ] وروي عن أبيّ بن كعب وابن عباس رضي الله عنهما ، أنهما قرآ : النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم . وروى نحو هذا عن معاوية ومجاهد وعكرمة والحسن . واستأنسوا عليه بالحديث الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : " إنما أنا لكم بمنزلة الوالد ، أعلمكم . فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطيب بيمينه " أفاده ابن كثير . { وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ } أي : ذوو القرابات { بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } أي : فيما فرضه ، أو فيما أوحاه إلى نبيّه عليه السلام { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ } بيان لأولي الأرحام ، أو صلة لـ ( أولى ) { إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ } أي : إخوانكم المؤمنين والمهاجرين غير الرحم { مَّعْرُوفاً } أي : من صدقة ومواساة وهدية ووصية . فإن بسط اليد في المعروف مما حث الله عباده عليه ، ويشارك فيه مع ذوي القربى وغيرهم . تنبيه قال في ( الإكليل ) : استدل بقوله تعالى : { وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ } . … الآية ، من ورّث ذوي الأرحام . انتهى . وهو استدلال متين . وليس مع المخالف ما يقاومه . بل فهم كثيرون أن المعنيّ بها ، أن القرابات أولى بالتوارث من المهاجرين والأنصار ، وأنها ناسخة لما كان قبلها من التوارث بالحلف والمؤاخاة ، التي كانت بينهم . ذهابا إلى ما روي عن الزبير وابن عباس : أن المهاجريّ كان يرث الأنصاريّ ، دون قراباته وذوي رحمه . للأخوّة التي آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم . حتى أنزل الله الآية . فرجعنا إلى مواريثنا . إلا أن الاستدلال بذلك هو من عموم الأولوية . لا أنها خاصة بالمدعي فيها ، كما أسلفنا بيانه مراراً { كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } أي : في القرآن . أو في قضائه وحكمه ، وما كتبه وفرضه ، مقرراً لا يعتريه تبديل ولا تغيير .