Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 40-41)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } قال الزمخشري : هذا الكلام خطاب للملائكة وتقريع للكفار ، وارد على المثل السائر ( إياك أعني واسمعي يا جارة ) ونحوه قوله تعالى : { أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [ المائدة : 116 ] ، وقد علم سبحانه كون الملائكة وعيسى منزّهين برآء مما وجه عليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير . والغرض أن يقول ويقولوا ، ويسأل ويجيبوا ، فيكون تقريعهم أشد ، وتعييرهم أبلغ ، وخجلهم أعظم ، وهوانهم ألزم , ويكون اقتصاص ذلك لطفاً لمن سمعه ، وزجراً لمن اقتص عليه . انتهى . وتخصيص الملائكة ؛ لأنهم أشرف الأنداد عند مشركي العرب ؛ ولأن عبادتهم مبدأ الشرك وأصله ، لزعمهم أن الأوثان على صور الهياكل العلوية المقربة ، فتكون شفعاء لهم . وقوله تعالى : { أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } أي : أبإذنكم كان ذلك . كما قال تعالى : { أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ } [ الفرقان : 17 ] وكما يقول تعالى لعيسى عليه السلام : { أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ } [ المائدة : 116 ] وهكذا تقول الملائكة : { سُبْحَانَكَ } أي : تعاليت وتقدست عن أن يكون معك إله { أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } أي : أنت الذي نواليه من دونهم ، إذ لا موالاة بيننا وبينهم ، فنبرء إليك منهم . بينوا بإثبات موالاة الله ومعاداة الكفار ، براءتهم من الرضا بعبادتهم لهم . وقولهم : { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } أي : الشياطين ؛ لأنهم هم الذين زينوا لهم عبادة الأوثان وأضلوهم . والضمير الأول في قولهم : { أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } للإنس أو للمشركين ، والأكثر بمعنى الكل ، والثاني للجن .