Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 11-11)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ جُندٌ مَّا } أي : هم جند حقير { هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ } أي : الذين كانوا يتحزبون على الأنبياء قبلك ، وأولئك قد قهروا وأهلكوا . وكذا هؤلاء . فلا تبال بما يقولون ، ولا تكترث لما به يهذون . و { هُنَالِكَ } إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل هذا القول ، فهو مجاز . وجوز أن يكون حقيقة ، للإشارة إلى مكان قولهم وهو مكة . قال قتادة : وعده الله وهو بمكة يومئذ ، أنه سيهزم جندا من المشركين . فجاء تأويلها يوم بدر . وقال ابن كثير : هذه الآية كقوله جلت عظمته : { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } [ القمر : 44 - 45 ] وكان ذلك يوم بدر ، وفي الآية أوجه من الإعراب أشار لها السمين بقوله : { جُندٌ } يجوز فيه وجهان : أحدهما - وهو الظاهر - أنه خبر مبتدأ ، أي : هم جند . و : { مَّا } فيها وجهان ، أحدهما : أنه مزيدة . والثاني أنها صفة لـ { جُندٌ } على سبيل التعظيم ، للهزء بهم ، أو للتحقير . فإن { مَّا } إذا كانت صفة تستعمل لهذين المعنيين . و { هُنَالِكَ } يجوز فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون خبراً لـ { جُندٌ } و { مَّا } مزيدة و { مَهْزُومٌ } نعت لـ { جُند } . الثاني : أن يكون صفة لـ { جُندٌ } الثالث : أن يكون منصوبا بـ : { مَهْزُومٌ } . و { مَهْزُومٌ } يجوز فيه أيضاً وجهان : أحدهما : أنه خبر ثان لذلك المبتدأ المقدر ، والثاني أنه صفة لـ { جُندٌ } . و { هُنَالِكَ } مشارٌ به إلى موضع التقاول والمحاورة بالكلمات السابقة ، وهو مكة ؛ أي : سيهزمون بمكة ، وهو إخبار بالغيب . وقيل : مشارٌ به إلى نصرة الإسلام . وقيل : إلى حفر الخندق ، يعني إلى مكان ذلك . الثاني من الوجهين الأولين أن يكون { جُندٌ } مبتدأ ، و و { مَّا } مزيدة و { هُنَالِكَ } نعت و { مَهْزُومٌ } خبره . وفيه بعد ، لتفلّته عن الكلام الذي قبله . انتهى . فائدة روى ابن عباس في هذه الآية " أنه لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل ، فقالوا إن ابن أخيك يشتم آلهتنا , ويفعل ويفعل , ويقول ويقول ، فلو بعثت إليه فنهيته ! فبعث إليه . فجاء النبيّ صلى الله عليه وسلم فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل . قال فخشي أبو جهل لعنه الله إن جلس إلى جنب أبي طالب ، أن يكون أرق له عليه . فوثب فجلس في ذلك المجلس . ولم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا قرب عمه ، فجلس عند الباب ، فقال له أبو طالب : أي : ابن أخي ! ما بال قومك يشكونك ، يزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول , قال : وأكثروا عليه من القول . وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا عم ، إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها , تدين لهم بها العرب ، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية " . ففزعوا لكلمته ولقوله . فقال القوم : كلمة واحدة ؟ نعم ، وأبيك عشراً . فقالوا : وما هي ؟ وقال أبو طالب : وأي كلمة هي يا ابن أخي ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " لا إله إلا الله " . فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون : { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } ونزلت الآية " . رواه ابن جرير ، والإمام أحمد ، والنسائيّ والترمذيّ وحسّنه .