Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 24-25)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ } أي : داود { لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ } أي : طلب نعجتك التي أنت أحوج إليها ليضمها { إِلَىٰ نِعَاجِهِ } أي : مع استغنائه عن هذا الضم { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ } أي : الإخوان الأصدقاء المتخالطين في شؤونهم { لَيَبْغِيۤ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي : بغى الأعداء مع أن من واجب حقهم النصفة على الأقل ، إن لم يقوموا بفضيلة الإيثار { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي : فإنهم لا يبغون { وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ } أي : وهم قليل . و { مَّا } مزيدة للإبهام والتعجيب من قلتهم . قال الشهاب : فيه مبالغة من وجوه : وصفهم بالقلة ، وتنكير { وَقَلِيلٌ } وزيادة { مَّا } الإبهامية . والشيء إذا بولغ فيه كان مظنة للتعجب منه ، فكأنه قيل : ما أقلهم . وفي قضائه عليه السلام هذا ، من الحكمة وفصل الخطاب ما يهيج الأفئدة ويقر عين المغبون . ذلك أنه صدع بالحق أبلغ صدع فجهر بظلم خصمه وبغيه جهراً لا محاباة فيه ولا مواربة فأقر عين المظلوم . وعرف الباغي ظلمه وحيفه ، وأن سيف العدل والإنصاف فوقه . ثم نفس عن قلب المظلوم البائس ، وروّح عن صدره بذكر ما عليه الأكثر من هذه الخلة - خلة البغي وعدم الإنصاف - مع الخلطة و الخلة ، ليتأسى ويتسلى كما قيل : ( إن التأسي روح كل حزين ) ثم أكد الأمر بقلة القائمين بحقوق الأخوة ، ممن آمن وعمل صالحا ، فكيف بغيرهم ؟ وكلها حكم وغرر ودرر ، حقائق تنطبق على أكثر هذا السواد الأعظم من الناس ، الذين يدعون المحبة ، والصداقة . ولعظم شأن حقوق المحبة أسهب في آدابها علماء الأخلاق ، إسهابا نوعوا فيه الأبواب ، ولونو فيه الفصول . ومع ذالك لا تزال الشكوى عامة . وقد امتلأت من منظومها ومنثورها كتب الأدب ، كما لا يخفى على من له إلمام به . وبالله التوفيق . { وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ } أي : ابتليناه بتلك الحكومة { فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ } أي : ما استغفر منه { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ } أي : لقربا { وَحُسْنَ مَـآبٍ } أي مرجعاً حسناً و كرامة ، في الآخرة . تنبيهات الأول : للمفسرين في هذا النبأ أقوال عديدة و وجوه متنوعة . مرجعها إلى مذهبين : مذهب من يرى أنها تشير تعريضا إلى وزر ألمّ به داود عليه السلام ثم غفر له . ومذهب من يرى أنها حكومة في خصمين لا إشعار بذلك . فممن ذهب إلى الأول ابن جرير . فإنه قال : هذا مَثَل ضربه الخصم المتسوّرون على داود محرابه . وذلك أن داود كانت له ، فيما قيل ، تسع وتسعون امرأة . وكانت للرجل الذي أغزاه حتى قتل امرأة واحدة فلما قُتِل نكح ، فيما ذكر ، داوُد امرأتَه . ثم لما قضى للخصمين بما قضى ، علم أنه ابتلي . فسأل غفران ذنبه وخرّ ساجداً لله وأناب إلى رضا ربه ، وتاب من خطيئته . هذا ما قاله ابن جرير . ثم أسند قصته مطولة من رواياتٍ عن ابن عباس والسّدّيّ وعطاء والحسن وقتادة ووهب ومجاهد . ومن طريق عن أنس مرفوعا . و يشبه سياق بعضها ما ذكر في التوراة المتداولة الآن . قال السيوطيّ في ( الإكليل ) : القصة التي يحكونها في شأن المرأة ، وأنها أعجبته ، وأنه أرسل زوجها مع البعث حتى قتل ، أخرجها ابن أبي حاتم من حديث أنس مرفوعا . و في إسناده ابن لهيعة ، وحاله معروف ، عن ابن صخر عن يزيد الرقاشيّ وهو ضعيف . وأخرجها من حديث ابن عباس موقوفا . انتهى . أقول : أما المرفوع إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فيها ، فلم يأت من طريق صحيح . أما الموقوف من ذلك على الصحب والأتباع رضي الله عنهم ، فمعوّلهم في ذلك ما ذكر في التوراة من هذا النبأ ، أو الثقة بمن حكي عنها . وينبني على ذلك ذهابهم إلى تجويز مثل هذا على الأنبياء . وقد ذهبت طائفة إلى تجويز ما عدا الكذب في التبليغ . كما فصّل في مطولات الكلام . قال ابن حزم رحمه الله : وهو قول الكرامية من المرجئة ، وابن الطيّب الباقلانيّ من الأشعرية ، ومن اتبعه ، وهو قول اليهود والنصارى . ثم رد هذا القول ، رحمه الله ، ردّاً متينا . وأما المذهب الثاني ، فهو ما جزم به ابن حزم في ( الفِصَل ) وعبارته : ما حكاه تعالى عن داود عليه السلام قول صادق صحيح ، لا يدل على شيء مما قاله المستهزئون الكاذبون المتعلقون بخرافاتٍ ولّدها اليهود . وإنما كان ذلك الخصم قوماً من بني آدم ، بلا شك ، متخصمين في نعاج من الغنم على الحقيقة بينهم . بغى أحدهما على الآخر على نصّ الآية . ومن قال : إنهم كانوا ملائكة معرّضين بأمر النساء ، فقد كذب على الله عز وجل ، وقوّله ما لم يقل ، وزاد في القرآن ما ليس فيه ، وكذّب الله عز وجل وأقر على نفسه الخبيثة ، أنه كذّب الملائكة . لأن الله تعالى يقول : { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ } [ ص : 21 ] فقال هو : لم يكونوا قط خصمين ، ولا بغى بعضهم على بعض ، ولا كان قط لأحدهما تسع وتسعون نعجة ، ولا كان للآخر نعجة واحدة ، ولا قال له : أكفلنيها . فأعجبوا . لِمَ يقحمون فيه الباطل أنفسهم ؟ ونعوذ بالله من الخذلان . ثم كل ذلك بلا دليل ، بل الدعوى المجرّدة . وتالله ! إن كل امرىء منا ليصون نفسه وجاره المستور عن أن يتعشق امرأة جاره , ثم يعرّض زوجها للقتل عمدا ، ليتزوجها . وعن أن يترك صلاته لطائر يراه . هذه أفعال السفهاء المتهوّكين الفساق المتمردين . لا أفعال أهل البرّ والتقوى . فكيف برسول الله داود عليه السلام الذي أوحى إليه كتابه وأجرى على لسانه كلامه ؟ لقد نزّهه الله عز وجل عن أن يمر مثل هذا الفحش بباله . فكيف أن يستضيف إلى أفعاله ؟ وأما استغفاره وخروره ساجداً ، ومغفرة الله له ، فالأنبياء عليهم السلام أولى الناس بهذه الأفعال الكريمة . والاستغفار فعل خير لا ينكَر من مَلَكٍ ولا من نبيّ . ولا من مذنب ولا من غير مذنب . فالنبيّ يستغفر الله لمذنبي أهل الأرض . والملائكة كما قال الله تعالى : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } [ غافر : 7 ] . وأما قوله تعالى عن داود عليه السلام : { وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ } ، وقوله تعالى : { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ } فقد ظن داود عليه السلام أن يكون ما آتاه الله عز وجل من سعة الملك العظيم فتنة . فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في أن يثبت الله قلبه على دينه . فاستغفر الله تعالى من هذا الظن ، فغفر الله تعالى له هذا الظن . إذ لم يكن ما آتاه الله تعالى من ذلك فتنة . انتهى كلام ابن حزم ، وهو وقوف على ظاهر الآية ، مجردًا عن إشارة وإيماء . وقال البرهان البقاعيّ في ( تفسيره ) : وتلك القصة وأمثالها من كذب اليهود . ثم قال : وأخبرني بعض من أسلم منهم أنهم يتعمدون ذلك في حق داود عليه السلام ؛ لأن عيسى عليه السلام من ذريته ، ليجدوا سبيلا إلى الطعن فيه . انتهى . ثم قال : وقوله تعالى : { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ } أي : الوقوع في الحديث عن إسناد الظلم إلى أحد بدون سماع لكلامه . وهذه الدعوى تدريب لداود عليه السلام في الأحكام . وذكرها للنبيّ صلى الله عليه وسلم تدريب له في الأناة في جميع أموره على الدوام . ولما ذكر هذا ، ربما أوهم شيئاً في مقامه صلى الله عليه وسلم ، فدفعه بقوله : { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ } [ ص : 40 ] ، فالقصة لم يجر ذكرها إلا للترقية في رتب الكمال . وأول دليل على ما ذكرته ، أن هذه الفتنة إنما هي بالتدريب في الحكم ، لا بامرآة ولا غيرها . وأن ما ذكروه من قصة المرأة باطل وإن اشتهر . فكم من باطل مشهور ، ومذكور ، هو عين الزور . انتهى . وقال ابن كثير : قد ذكر المفسرون ههنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات . ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه . ولكن روى ابن أبي حاتم هنا حديثاً لا يصح سنده ، لأنه من رواية يزيد الرقاشيّ عن أنس رضي الله عنه . ويزيد ، وإن كان من الصالحين ، لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة . فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة ، وأن يردّ علمها إلى الله عز وجل . فإن القرآن حق ، وما تضمن فهو حق أيضاً . انتهى . وقال القاضي عياض في ( الشفا ) : وأما قصة داود عليه السلام ، فلا يجب أن يلتفت إلى ما سطره فيها الإخباريون على أهل الكتاب الذين بدلوا وغيروا ، ونقله بعض المفسرين . ولم ينص الله على شيء من ذلك ، ولا ورد في حديث صحيح . والذي نص الله عليه قوله : { وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } وقوله فيه { أوَّابٌ } فمعنى { فَتَنَّاهُ } أي : اختبرناه . و { أوَّابٌ } قال قتادة : مطيع . وهذا التفسير أولى . قال ابن عباس وابن مسعود : ما زاد داود على أن قال للرجل : انزل عن امرأتك وأكفلنيها . فعاتبه الله على ذلك ونبهه عليه . وأنكر عليه شغله بالدنيا . وهذا هو الذي ينبغي أي يعول عليه من أمره . وقد قيل خطبها على خطبته ، وقيل : بل أحب بقلبه أن يستشهد . وحكى السمرقنديّ أن ذنبه الذي استغفر منه قوله : { لَقَدْ ظَلَمَكَ } فظلمه بقول خصمه . وقيل : بل لما خشيه على نفسه ، وظن من الفتنة بما بسط له من الملك والدنيا . وإلى نفي ما أضيف في الأخبار إلى داود من ذلك - ذهب أحمد بن نصر وأبو تمام ، وغيرهما من المحققين . قال الداوديّ : ليس في قصة داود وأوريا خبر يثبت . ولا يظن بنبيّ محبة قتل مسلم . وقيل : إن الخصمين اللذين اختصما إليه ، رجلان في نتاج غنم على ظاهر الآية . وقيل : بل لما خشي على نفسه وظن من الفتنة لما بسط له من الملك والدنيا . انتهى . وقال ابن القيم في أواخر كتابه ( الجواب الكافي ) في مباحث العشق : وقد أرشد صلى الله عليه وسلم المتحابين إلى النكاح . كما في سنن ابن ماجه مرفوعاً : " لم يُرَ للمتحابَّين مثل النكاح " . ونكاحه لمعشوقه هو دواء العشق الذي جعله الله دواءه شرعاً وقدراً . وبه تداوى نبي الله داود عليه السلام ولم يرتكب نبيّ الله محرما . وإنما تزوج المرأة وضمها إلى نسائه لمحبته لها . وكانت توبته بحسب منزلته عند الله وعلوّ مرتبته . ولا يليق بنا المزيد على هذا . انتهى . وهذا منه تسليم ببعض القصة لا بتمامها . وهو من الأقوال فيها . وأما دعوى بعضهم أن التوراة تعدّ داود ملكا حكيما ، لا نبيا ، بدليل ذكره في أسفار الملوك منها ، وما فيها من أنه بعث إليه نبيّ يقال له : قاشان ، ضرب له المثل المذكور - فدعوى مردودة من وجوه : منها أن الاستدلال بالتوراة التي بين أيديهم في إثباتٍ أونفي لا يعول عليه كيف لا وقد أوتينا بيضاء نقية محفوظة من التغيير والتبديل بحمده تعالى . ومنها أن نبوة داود عليه السلام لا خلاف فيها عند المسلمين ، فلا عبرة بخلاف غيرهم . ومنها أنه لا مانع أن تجتمع النبوة والملك لمن أراده الله واصطفاه . وقد فعل ذلك بداود وسليمان عليهما السلام . ومنها أنه لا حاجة في كتابنا الكريم أن يتمم بما جاء في غيره ، أو يحاول رده إلى من سواه من الكتب ، أو هي إليه ، لاستغنائه بنفسه . بل وكونه مهيمناً على سائر الكتب ، كما أخبر الله تعالى عنه . فليتأمّل ذلك . والله أعلم . وقد روي أن عمر بن عبد العزيز حُدِّث بنبأ داود على ما يرويه القصاص ، وعنده رجل من أهل الحق . فكذب المحدِّث به ، وقال : إن كانت القصة على ما في كتاب الله ، فما ينبغي أن يلتمس خلافها . وأَعْظِمْ بأن يقال غير ذلك . وإن كانت على ما ذكرتَ وكفّ الله عنها ستراً على نبيّه ، فما ينبغي إظهارها عليه . فقال عمر : لَسَماعي هذا الكلام ، أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس . نقله الزمخشريّ . قال الناصر في ( الانتصاف ) : وقد التزم المحققون من أئمتنا أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، داود وغيره ، منزهون من الوقوع في صغائر الذنوب ، مبرءون من ذلك ، والتمسوا المحامل الصحيحة لأمثال هذه القصة . وهذا هو الحق الأبلج ، والسبيل الأبهج ، إن شاء الله تعالى . انتهى . الثاني : قال ابن الفرَس : في هذه القصة دليل على جواز القضاء في المسجد ( أي : لظاهر المحراب . إلا أنه ليس نصّا في محراب المسجد ) والتلطف في ردّ الإنسان عن المكروه صنعه . وأنه لا يؤاخذ بعنفٍ ما أمكن . وجواز المعاريض من القول . قال الزمخشريّ : وإنما جاءت على طريقة التمثيل والتعريض ، دون التصريح ، لكونها أبلغ في التوبيخ . من قِبَل أن المتأمل إذا أدّاه إلى الشعور بالمعرّض به ، كان أوقع في نفسه وأشد تمكنا من قلبه ، وأعظم أثرا فيه ، وأجلب لاحتشامه وحيائه ، وأدعى إلى التنبيه على الخطأ فيه ، من أن يبادَه به صريحا ، مع مراعاة حسن الأدب بترك المجاهرة . ألا ترى إلى الحكماء ؟ كيف أوصوا في سياسة الولد ، إذا وجدت منه هنة منكرة ، بأن يعرّض له بإنكارها عليه ، ولا يصرح . وأن تحكى له حكاية ملاحظة لحاله ، إذا تأملها استسمج حال صاحب الحكاية ، فاستسمج حال نفسه . وذلك أزجر له ؛ لأنه ينصب ذلك مثالا لحاله ، ومقياسا لشأنه . فتصور قبح ما وجد منه بصورة مكشوفة . مع أنه أصون لما بين الوالد والولد من حجاب الحشمة . الثالث : قال ابن مسعود في قوله تعالى { إِنَّ هَذَآ أَخِي } : أي على ديني . أخرجه ابن أبي حاتم . فقيه جواز إطلاق ( الأخ ) على غير المناسب . واستدل بقوله تعالى { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ } على جواز الشركة . أفاده ( الإكليل ) . الرابع : قال السيوطيّ في الإكليل : استدل بقوله تعالى : { وَخَرَّ رَاكِعاً } من أجاز التعويض عن سجود التلاوة بركوع . والأكثرون على أن الركوع هنا مجاز مرسل ، عن السجود ؛ لأنه ، لإفضائه إليه ، جعل كالسبب ، ثم تجوّز به عنه . أو هو استعارة له ، لمشابهته له في الانحناء والخضوع . الخامس : قال ابن كثير : اختلف الأئمة في سجدة { صۤ } هل هي من عزائم السجود ؟ على قولين : أحدهما : أنها ليست من العزائم ، بل هي سجدة شكر . لما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : إنها ليست من عزائم السجود ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها ، رواه أحمد والبخاري وأصحاب السنن . وعنه أنه قال : إن النبيّ صلى الله عليه وسلم سجد في { صۤ } وقال : " سجدها داود عليه الصلاة والسلام توبة ، ونسجدها شكراً " ، تفرد به النسائيّ وعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال : " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر { صۤ } فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه . فلما كان يوم آخر قرأها . فلما بلغ السجدة تشزّن الناس للسجود . فقال صلى الله عليه وسلم : " إنما هي توبة نبيّ . ولكن رأيتكم تشزنتم " ، فنزل وسجد " . تفرّد أبو داود . وإسناده على شرط الصحيح .