Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 79-79)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ } أي : نعمة { فَمِنَ ٱللَّهِ } أي : فمن نعمته وتفضله ابتداءً { وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ } أي : بلية { فَمِن نَّفْسِكَ } أي : من شؤمها بسبب اقترافها المعاصي الموجبة لها ، وإن كانت من حيث الإيجاد منتسبة إليه تعالى ، نازلة من عنده عقوبة ، كقوله تعالى : { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } [ الشورى : 30 ] . روى ابن عساكر عن البراء رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " ما من عثرة ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم ، وما يغفر الله أكثر " . روى الترمذيّ عن أبي موسى الأشعري عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " لا يصيب عبداً نكتة فما فوقها أو دونها ، إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر ، قال وقرأ : { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } " . لطيفة الخطاب في : { أَصَابَكَ } عام لكل من يقف عليه لا للنبيّ صلى الله عليه وسلم ، كقوله : @ إذا أنت أكرمت الكريم ملكته @@ ويدخل فيه المذكورون دخولاً أوليّاً ، وجوَّز أن يكون الخطاب له صلى الله عليه وسلم ، كما قبله وما بعده ، لكن لا لبيان حاله صلى الله عليه وسلم ، بل لبيان حال الكفرة بطريق التصوير ، ولعل ذلك لإظهار كمال السخط والغضب عليهم ، والإشعار بأنهم لفرط جهلهم وبلادتهم بمعزل من استحقاق الخطاب ، لا سيما بمثل هذه الحكمة الأنيقة ، قرره أبو السعود . قال بعض المفسرين : وثمرة الآية ردّ التطيّر والتشاؤم . { وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً } بيان لجلالة منصبه صلى الله عليه وسلم ومكانته عند الله عز وجل ، بعد بيان بطلان زعمهم الفاسد في حقه عليه الصلاة والسلام ، بناءً على جهلهم بشأنه الجليل ، وتعريف ( الناس ) للاستغراق ، أفاده أبو السعود ، أي : فمن أين يتصور لك الشؤم وقد أرسلت داعياً العمومَ إلى الخيرات ؟ فأنت منشأ كل خير ورحمة : { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } أي : على رسالتك وصدقك ، بإظهار المعجزات على يديك ، أي : وإذا ثبتت رسالتك ، فاليُمن في طاعتك ، والشؤم في مخالفتك .