Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 87-87)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } أي : ليبعثنكم من قبوركم ويحشرنكم إلى حساب يوم القيامة في صعيد واحد ، فيجازي كل عامل بعمله . قال الزمخشريّ : القيامة والقيام كالطلابة والطلاب ، وهي قيامهم من القبور أو قيامهم للحساب ، قال الله تعالى : { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ المطففين : 6 ] . { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي : لا شك في يوم القيامة أو في الجمع { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } إنكار لأن يكون أحد أصدق منه تعالى في حديثه وخبره ووعده ووعيده ، وبيان لاستحالته لأنه نقص وقبيح ، إذْ مَنْ كذب ، لم يكذب إلا لأنه محتاج إلى أن يجر منفعة بكذبه أو يدفع مضرة ، أو هو جاهل بقبحه ، أو هو سفيه لا يفرق بين الصدق والكذب في أخباره ، ولا يبالي بأيهما نطق ، فظهر استحالة الكذب عليه جل شأنه ، والغير ، وإن دلت الدلائل على صدقه ، فكذبه ممكن إذا لم ينظر إليها . فوائد الأولى : قال الرازيّ : في كيفية النظم وجهان : أحدهما : إنا بينا أن المقصود من قوله : { وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ } [ النساء : 86 ] ، ألا يصير الرجل المسلَّم مقتولاً ، ثم إنه تعالى أكد ذلك بالوعيد في قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً } [ النساء : 86 ] . ثم بالغ في تأكيد ذلك الوعيد بهذه الآية ، فبين في هذه الآية أن التوحيد والعدل متلازمان ، فقوله : { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } إشارة إلى التوحيد ، وقوله : { لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } إشارة إلى العدل ، وهو كقوله : { شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ } [ آل عمران : 18 ] وكقوله في طه : { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } [ طه : 14 ] وهو إشارة إلى التوحيد ، ثم قال : { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } [ طه : 15 ] ، وهو إشارة إلى العدل ، فكذا في هذه الآية ، بين أنه يجب في حكمه وحكمته أن يجمع الأولين والآخرين في عرصة القيامة ، فينتصف للمظلومين من الظالمين ، ولا شك أنه تهديد شديد . الوجه الثاني : كأنه تعالى يقول : من سلم عليكم وحياكم فاقبلوا سلامه وأكرموه وعاملوه بناء على الظاهر ، فإن البواطن إنما يعرفها الله الذي لا إله إلا هو ، إنما تنكشف بواطن الخلق للخلق في يوم القيامة . الثانية : قوله : { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } إما خبر للمبتدأ و { لَيَجْمَعَنَّكُمْ … } إلخ ، جواب قسم محذوف ، والجملة القسمية مستأنفة لا محل لها ، أو خبر ثان ، وإما اعتراض ، والجملة القسمية خبر . الثالثة : تعدية { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } بـ { إِلَىٰ } لكونه بمعنى الحشر كما بينا ، أو لكون ( إلى ) بمعنى ( في ) كما أثبته أهل العربية ، وقوله تعالى : { فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوۤاْ … } .