Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 91-91)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَتَجِدُونَ } أقواماً : { آخَرِينَ يُرِيدُونَ } بإظهار الإسلام لكم { أَن يَأْمَنُوكُمْ } : أي : على أنفسهم { وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ } بإظهار الكفر { كُلَّ مَا رُدُّوۤاْ إِلَى ٱلْفِتْنِةِ } أي : دعوا إلى الارتداد والشرك : { أُرْكِسُواْ فِيِهَا } أي : رجعوا إليها منكوسين على رؤوسهم { فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ } أي : يتنحوا عنكم جانباً ، بأن لم يكونوا معكم ولا عليكم . { وَيُلْقُوۤاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ } أي : ولم يلقوا الانقياد { وَيَكُفُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ } أي : عن قتالكم { فَخُذُوهُمْ } أي : اتَّسِرُوهُم { وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } أي : وجدتموهم في داركم أو دارهم { وَأُوْلَـٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً } أي : حجة واضحة في الإيقاع بهم قتلاً وسبياً ، لظهور عداوتهم وانكشاف حالهم في الكفر والغدر ، وإضرارهم بأهل الإسلام ، أو تسلطاً ظاهراً ، حيث أذنّا لكم في أخذهم وقتلهم . تنبيهان الأول : قال ابن كثير : هؤلاء الآخرون ، في الصورة الظاهرة ، كمن تقدمهم . ولكن نية هؤلاء غير نية أولئك ، فإن هؤلاء قوم منافقون يظهرون للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الإسلام ، ليأمنوا بذلك عندهم على دمائهم وأموالهم وذراريّهم ، ويصانعون الكفار في الباطن ، فيعبدون معهم ما يعبدون ، ليأمنوا بذلك عندهم ، وهم في الباطن مع أولئك ، كما قال تعالى : { وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ } [ البقرة : 14 ] الآية . وحكى ابن جرير عن مجاهد ؛ أنها نزلت في قوم من أهل مكة ، كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيُسلمون رياء ، ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان ، يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا ، فأمر بقتلهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا . الثاني : قال الرازيّ : قال الأكثرون : في الآية دلالة على أنهم إذا اعتزلوا قتالنا وطلبوا الصلح منا وكفوا أيديهم عن إيذائنا ، لم يجز لنا قتالهم ولا قتلهم ، ونظيره قوله تعالى : { لاَّ يَنْهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ } [ الممتحنة : 8 ] ، وقوله تعالى : { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } [ البقرة : 190 ] ، فخص الأمر بالقتال لمن يقاتلنا دون من لم يقاتلنا .