Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 24-24)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } أي : بدعوى النبوة والوحي { فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ } قال ابن كثير : أي : لو افتريت عليه كذباً كما يزعم هؤلاء الجاهلون ، يختم على قلبك ، أي : يطبع على قلبك ويسلبك ما كان آتاك من القرآن . كقوله جل جلاله : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ * فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } [ الحاقة : 44 - 47 ] ، أي : لانتقمنا منه أشد الانتقام ، وما قدر أحد من الناس أن يحجز عنه . انتهى . وهذا تفسير بالأشباه ، والنظائر من الآيات ، يؤثره كثير من الأئمة ، ما وجد إليه سبيلاً . فإن التنزيل يفسّر بعضه بعضاً ، ومآل الآية على هذا المعنى ، كما أوضحه أبو السعود ، هو الاستشهاد على بطلان ما قالوا ، ببيان أنه عليه السلام لو افترى على الله تعالى ، لمنعه من ذلك قطعاً ، فختم على قلبه بحيث لم يخطر بباله معنى من معانيه ، ولم ينطق بحرف من حروفه . وحيث لم يكن الأمر كذلك . بل تواتر الوحي حيناً فحيناً ، تبين أنه من عند الله تعالى . وقال الزمخشريّ : فإن يشأ الله يجعلك من المختوم على قلوبهم ، حتى تفتري عليه الكذب ؛ فإنه لا يجترئ على افتراء الكذب على الله ، إلا من كان في مثل حالهم . وهذا الأسلوب مؤداه استبعاد الافتراء من مثله ، وإنه في البعد مثل الشرك بالله ، والدخول في الجملة المختوم على قلوبهم . ومثل هذا أن يخوَّن بعض الأمناء فيقول : لعل الله خذلني . لعل الله أعمى قلبي . وهو لا يريد إثبات الخذلان وعمى القلب ، وإنما يريد استبعاد أن يخون مثله ، والتنبيه على أنه رُكِب من تخوينه أمرٌ عظيم . انتهى . قال الشهاب : فمعناه ؛ إن يشأ الله يختم على قلبك كما فعل بهم . فهو تسلية له صلوات الله عليه ، وتذكير لإحسانه إليه وإكرامه ، ليشكر به ويترحم على من ختم على قلبه ، فاستحق غضب ربه ، ولولا ذلك ما اجترأ على نسبته لما ذكر . ولذا أتى ( بأن ) في موضع ( لو ) إرخاء للعنان ، وتلميحا للبرهان . على أنه لا يتصور وصفه بما ذكروه . فالتفريع بالنظر للمعنى المكنيّ عنه ، وحاصله أنهم اجترؤوا على هذا المحال ؛ لأنه مطبوعون على الضلال . انتهى . { وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } استئناف مقرر لنفي الافتراء عما يقوله عليه الصلاة والسلام ، بأنه لو كان مفترى لمحقه ؛ إذ من سنته تعالى محو الباطل وإثبات الحق بوحيه . فليس ( يمح ) مجزوماً بالعطف على الجزاء ، بل معطوف على مجموع الجملة والكلام السابق ، ولذا أعيد لفظ الجلالة ورفع ( يحق ) . قال الزمخشريّ : ويجوز أن يكون عدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأنه يمحو الباطل الذي هم عليه من البهت والتكذيب ، ويثبت الحق الذي أنت عليه بالقرآن ، وبقضائه الذي لا مردّ له من نصرتك عليهم . إن الله عليم بما في صدرك وصدورهم ، فيجري الأمر على حسب ذلك .