Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 10-10)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } أي : القرآن منزلاً من لدنه عليّ . لا سحراً ولا مفترى كما تزعمون { وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } أي : من الواقفين على أسرار الوحي بما أوتوا من التوراة { عَلَىٰ مِثْلِهِ } أي : مثل القرآن ، وهو ما في التوراة من الأحكام المصدقة للقرآن من الإيمان بالله وحده ، وهو ما يتبعه ، كقوله تعالى : { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } [ الشعراء : 196 ] ، وقوله : { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ } [ الأعلى : 18 - 19 ] ، أو على مثل ما ذكر من كونه من عند الله تعالى . أو على مثل شهادة القرآن ؛ فجعل شهادته على أنه من عند الله ، شهادة على مثل شهادة القرآن ، لأنه بإعجازه كأنه يشهد لنفسه بأنه من عند الله ، أو ( المثل ) صلة و ( الفاء ) ، في قوله تعالى : { فَآمَنَ } للدلالة على أنه سارع إلى الإيمان بالقرآن ، لما علم أنه من جنس الوحي الناطق بالحق { وَٱسْتَكْبَرْتُمْ } أي : عن الإيمان به بعد هذه الشهادة . وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } استئناف مشعر بأن كفرهم ، لضلالهم المسبب عن ظلمهم ، ودليل على الجواب المحذوف . مثل : ( ألستم ظالمين ) أو ( فمن أضل منكم ) وذلك عدم الهداية مما ينبئ عن الضلال قطعاً ، فيكون كقوله في الآية الأخرى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } [ فصلت : 52 ] . قال أبو السعود : ووصفهم بالظلم للإشعار بعلة الحكم ، فإن تركه تعالى لهدايتهم ، لظلمهم . تنبيه روي أن الشاهد هو عبد الله بن سلام ، فتكون الآية مدنية مستثناة من السورة ، كما ذكره الكواشيّ ؛ لأن إسلامه كان بالمدينة . وأجيب : بأن لا حاجة للاستثناء ، وأن الآية من باب الإخبار قبل الوقوع ، كقوله : { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلأَعْرَافِ } [ الأعراف : 48 ] ويرشحه أن : ( شَهِدَ ) معطوف على الشرط الذي يصير به الماضي مستقبلاً ، فلا ضير في شهادة الشاهد بعد نزولها ، ويكون تفسيره به بياناً للواقع ، لا على أنه مراد بخصوصه منها . هذا ما حققوه . ويقرب مما نذكره كثيراً من المراد من سبب النزول في مثل هذا ، وأنه استشهاد على ما يتناوله اللفظ الكريم . ثم أشار إلى حكاية نوع من أباطيلهم في التنزيل والمؤمنين به ، فقال سبحانه : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ … } .