Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 2-2)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ } قال أبو السعود : غاية الفتح ، من حيث إنه مترتب على سعيه عليه الصلاة والسلام في إعلاء كلمة الله تعالى ، بمكابدة مشاقّ الحروف ، واقتحام موارد الخطوب { مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } أي : جميع ما فرط منك ، من ترك الأَوْلى . وتسميته ذنباً ، بالنظر إلى منصبه الجليل . قال ابن كثير : هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم التي لا يشاركه فيها غيره ، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال كغيره ، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة التي لم ينلها بشر سواه ، لا من الأولين ، ولا من الآخرين . وهو صلى الله عليه وسلم أكمل البشر على الإطلاق ، وسيدهم في الدنيا والآخرة . ولما كان أطوع خلق الله تعالى لله ، وأشدهم تعظيماً لأوامره ونواهيه ، قال حين بركت به الناقة : " " حبسها حابس الفيل " . ثم قال صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ! لا يسألوني اليوم شيئاً يعظمون به حرمات الله إلا أجبتهم إليها " ، فلما أطاع الله في ذلك ، وأجاب إلى الصلح ، قال الله تعالى : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } الآيات . وقوله تعالى : { وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } أي : بإظهاره إياك على عدوّك ، ورفعه ذكرك { وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } أي : ويرشدك طريقاً من الدين لا عوج فيه . قال أبو السعود : أصل الاستقامة ، وإن كانت حاصلة قبل الفتح ، لكن حصل بعد ذلك من اتضاح سبيل الحق ، واستقامة مناهجه ، لما لم يكن حاصلاً قبلُ .