Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 10-10)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } استئناف مقرر لما من الأمر بالإصلاح ، فإن من لوازم الإخوة أن يصطلحوا . قال الشهاب : وتسمية المشاركة في الإيمان أُخوة تشبيه بليغ ، أو استعارة . شبه المشاركة فيه بالمشاركة في أصل التوالد ؛ لأن كلاًّ منهما أصل للبقاء ، إذ التوالد منشأ الحياة ، والإيمان منشأ البقاء الأبديّ في الجنان . { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } أي : إذا اقتتلا بأن تحملوهما على حكم الله ، وحكم رسوله . قال القاشانيّ : بيّن تعالى أن الإيمان الذي أقل مرتبته التوحيد والعمل ، يقتضي الأخوة الحقيقية بين المؤمنين ، للمناسبة الأصلية ، والقرابة الفطرية ، التي تزيد على القرابة الصورية ، والنسبة الولادية ، بما لا يقاس ، لإقضائه المحبة القلبية ، لا المحبة النفسانية ، المسببة عن التناسب في اللحمة . فلا أقل من الإصلاح الذي هو من لوازم العدالة ، وأحد خصالها ، إذ لو لم يعدوا عن الفطرة ، ولم يتكدروا بغواشي النشأة ، لم يتقاتلوا ، ولم يتخالفوا . فوجب على أهل الصفاء ، بمقتضى الرحمة والرأفة والشفقة اللازمة للأخوة الحقيقية ، الإصلاح بينهما ، وإعادتهما إلى الصفاء . انتهى . تنبيه وضع الظاهر موضع المضمر مضافاً إلى المأمورين ، للمبالغة في التقرير والتخصيص . وتخصيص الاثنين بالذكر دون الجمع ؛ لأن أقل من يقع بينهم الشقاق اثنان . فإذا لزمت المصالحة بين الأقل ، كان بين الأكثر ألزم ؛ لأن الفساد في شقاق الجمع ، أكثر منه في شقاق الاثنين - أفاده القاضي والزمخشريّ . وفي معنى الآية أحاديث كثيرة : كحديث " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه " وحديث " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " وحديث " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " وحديث " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " وشبّك بين أصابعه صلى الله عليه وسلم - وكلها في الصحاح . { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أي : خافوا مخالفة حكمه ، والإهمال فيه ، ليرحمكم فيفصح عن سالف آثامكم ، ويثيبكم رضوانه .