Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 7-7)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ ٱللَّهِ } قال ابن جرير : يقول تعالى ذكره لأصحاب نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : واعلموا أيها المؤمنون بالله ورسوله أن فيكم رسول الله ، فاتقوا الله أن تقولوا الباطل ، وتفتروا الكذب ، فإن الله يخبره أخباركم ، ويعرفه أنباءكم ، ويقوّمه على الصواب في أموره . { لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ لَعَنِتُّمْ } قال الطبريّ : أي : لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمل في الأمور بآرائكم ، ويقبل منكم ما تقولون له ، فيطيعكم ، لنالكم عنتٌ - يعني الشدة والمشقة - في كثير من الأمور ، بطاعته إياكم ، لو أطاعكم ؛ لأنه كان يخطئ في أفعاله ، كما لو قبل من الوليد بن عقبة قوله في بني المصطلق ، أنهم قد ارتدوا ومنعوا الصدقة ، وجمعوا الجموع لغزو المسلمين ، فغزاهم فقتل منهم ، وأصاب من دمائهم وأموالهم ، كان قد قتل وقتلتم من لا يحل له ولا لكم قتله ، وأخذتم من المال ما لا يحل له ولكم أخذه من أموال قومٍ مسلمين ، فنالكم من الله بذلك عنت . والعنت : المشقة ، أو الهلاك أو الإثم أو الفساد . تنبيه { أَنَّ } بما في حيزها سادة مسدَّ مفعولي { ٱعْلَمُوۤاْ } باعتبار ما قيد به من الحال ، وهو قوله : { لَوْ يُطِيعُكُمْ … } إلخ ، فإنه حال من الضمير المجرور في { فِيكُمْ } المستتر فيه . والمعنى : أنه فيكم كائناً على حالة يجب تغييرها ، أو كائنين على حالة كذلك ، وهي أنكم تودّون أن يتبعكم في كثير من الحوادث ، ولو فعل ذلك لوقعتم في الجهل والهلاك . وفيه إيذان بأن بعضهم زين لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقع في بني المصطلق ، وأنه لم يطع رأيهم هذا . ويجوز أن يكون { لَوْ يُطِيعُكُمْ } مستأنفاً ، إلا أن الزمخشريّ منع هذا الاحتمال ، قال : لأدائه إلى تنافر النظم ؛ لأنه لو اعتبر { لَوْ يُطِيعُكُمْ … } الخ كلاماً برأسه ، لم يأخذ الكلام بحجز بعض ؛ لأنه لا فائدة حينئذ في قوله : { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ ٱللَّهِ } إذا قطع عما بعده . وأجيب بجواز أن يقصد به التنبيه على جلالة محله صلى الله عليه وسلم ، وأنهم لجهلهم بمكانه مفرّطون فيما يجب له من التعظيم ، وفي أن شأنهم أن يتبعوه ، ولا يتبعوا آراءهم ، حتى كأنهم جاهلون بأنه بين أظهرهم ، فوضح جواز الاستئناف ، والوقف على { رَسُولَ ٱللَّهِ } . { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ } أي : فما أجدركم أن تطيعوا رسول الله وتأتمّوا به ، فيقيكم الله بذلك من العنت فيما لو استتبعتم رأي رسول الله لرأيكم { وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ ٱلْكُفْرَ } أي : بالله { وَٱلْفُسُوقَ } يعني : الكذب { وَٱلْعِصْيَانَ } أي : مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتضييع ما أمر الله به . { أُوْلَـٰئِكَ } أي : الموصوفون بمحبة الإيمان ، وتزينه في قلوبهم ، وكراهتهم المعاصي { هُمُ ٱلرَّاشِدُونَ } أي : السالكون طريق الحق .