Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 13-13)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ } ( الباء ) سببّية و ( ما ) مزيدة لتأكيد الكلام وتمكينه في النفس . أي : بسبب نقضهم ميثاقهم . أونكرة ، أي : بشيء عظيم صدر منهم من نقضهم ميثاقهم المؤكد ، الموعود عليه النصر والمغفرة والأجر العظيم { لَعنَّاهُمْ } أي : أبعدناهم عن رحمتنا { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً } بحيث لا تلين لرؤية الآيات والنذر ، ولا تتعظ بموعظة ، لغلظها وقساوتها لغضب الله عليهم . وبقيت تلك القساوة واللعنة في ذريتهم { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ } أي : كلم الله في التوراة ، بصرف ألفاظه أو معانيه { عَن مَّوَاضِعِهِ } التي أنزلت . قال ابن كثير : أي : فسدت فُهومُهم ، وساء تصرّفهم في آيات الله ، وتأولوا كتابه على غير ما أنزله ، وحملوه على غير مراده ، وقالوا عليه ما لم يقل . عياذاً بالله من ذلك . قال أبو السعود : والجملة استئناف لبيان مرتبة قساوة قلوبهم . فإنه لا مرتبة أعظم مما يصحح الاجتراء على تغيير كلام الله عز وجل ، والافتراء عليه . وقيل : حال من مفعول ( لعناهم ) . { وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ } أي : تركوا نصيباً وافراً مما أُمروا به في التوراة ، تَرْكَ الناسي للشيء لقلة مبالاته بحيث لم يكن لهم رجوع عليه . أو من أتّباع محمد صلى الله عليه وسلم { وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ } أي : خيانة . على أنها مصدر كـ ( لاغيةٍ وكاذبةٍ ) . أو طائفة خائنة . يعني : أن الغدر والخيانة عادة مستمرة لهم ولأسلافهم ، بحيث لا يكادون يتركونها أو يكتمونها . فلا تزال ترى ذلك منهم . قال مجاهد . وغيره بذلك تمالُؤَهم على الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم . { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ } وهم المؤمنون منهم { فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ } أي لا تعاقبهم . قال ابن كثير : هذا موجب النصر والظفر . كما قال عمر : ما عاملتَ مَنْ عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه . وبهذا ، يحصل لهم تأليف وجمعٌ على الحقّ . ولعلّ الله يهديهم . ولهذا قال تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني : به الصفح عمّن أساء ، فإنه من باب الإحسان . تنبيه قال بعض المفسّرين : في هذا دلالة على جواز التحليف على الأمور المستقبلة . وأخذ الكفيل على الحق الذي يفعل في المستقبل . وفي قوله : { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ … } إلخ ، دليلٌ على تأكيد الميثاق ، وقبح نقضه ، وأنه قد يسلب اللطف الْمُبعِد من المعاصي ، ويورث النسيان . ولهذا قال تعالى : { وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ } وعن ابن مسعود : قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية . انتهى .