Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 40-40)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } فإن عنوان الألوهية مدارُ أحكام ملكوتهما . والاستفهام لتقرير العلم . والمراد به الاستشهاد بذلك على قدرته تعالى على ما سيأتي من التعذيب والمغفرة على أبلغ وجه وأتمه . أي : ألم تعلم أن له السلطان القاهر والاستيلاء الباهر المستلزمان للقدرة التامة على التصرف الكليّ فيهما وفيما فيهما { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ } وتقديم التعذيب لأن السياق للوعيد . فيناسب ذلك تقديم ما يليق به من الزواجر { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ومنه التعذيب والمغفرة . تنبيه ذهب الجمهور إلى أن توبة السارق تُسُقط عنه حدود الله . وأما حق الآدميّ من القطع وردّ المال أو بدله فلا يَسْقط بتوبته . وقال أبو حنيفة : متى قطع ، وقد تلفت في يده فإنه لا يرد بدلها . وقد بينت السنة أنه إن عفي عنه قبل الرفع إلى الإمام ، سقط القطع . روى ابن ماجة عن ثعلبة الأنصاريّ : أن عمر بن سمرة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني سرقت جملاً لبني فلان فطهِّرني فأرسل إليهم النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا افتقدنا جملاً لنا . فأمر به فقطعت يده . قال ثعلبة ( أحد رجال السند ) : أنا أنظر إليه حين وقعت يده وهو يقول : الحمد لله الذي طهرني منك ، أردت أن تدخلي جسدي النار . وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو : " أن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجاء بها الذين سرقتهم فقالوا : يا رسول الله ، إن هذه المرأة سرقتنا ، قال قومها . فنحن نفديها ( يعني أهلها ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقطعوا يدها " . فقطعت يدها اليمنى ، فقالت المرأة : هل لي من توبة يا رسول الله ؟ قال : " نعم ، أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك " فأنزل الله عز وجل في سورة المائدة : { فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ … } [ المائدة : 39 ] الآية . قال ابن كثير : وهذه المرأة هي المخزومية التي سرقت . وحديثها ثابت في الصحيحين من رواية الزهريّ عن عائشة " أن امرأة سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح . ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه . قال عروة : فلما كلمه أسامة فيها ، تلوّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أتكلمني في حد من حدود الله ؟ " قال أسامة : استغفر لي ، يا رسول الله . فلما كان العشيّ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : " أما بعد ، فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد . والذي نفس محمد بيده ! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " . ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها ، فحسنت توبتها بعد ذلك . وتزوجت " . قالت عائشة : فكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا لفظ مسلم . وفي لفظ له عن عائشة قالت : " كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده ، فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بقطع يدها " وعن ابن عُمَر . قال : " كانت امرأة مخزومية تستعير متاعاً على ألسنة جاراتها وتجحده . فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع يدها " رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائيّ ، وهذا لفظه . وفي لفظ له : " إنّ امرأة كانت تستعير الحلي للناس ثم تمسكه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قم يا بلال ! فخذ بيدها فاقطعها " " .