Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 42-42)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ } أي : الباطل . خبر لمحذوف . وكرر تأكيداً لما قبله وتمهيداً لقوله : { أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ } أي : الحرام . وهو الرشوة كما قال ابن مسعود . قال الزمخشريّ : السحت : كل مال لا يحل كسبه . وهو من ( سَحَتَهُ ) إذا استأصله . لأنه مسحوت البركة . كما قال تعالى : { يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَٰواْ } [ البقرة : 276 ] . والربا باب منه . وقرئ ( السحت ) بالتخفيف والتثقيل ، و ( السحت ) بفتح السين على لفظ المصدر من ( سحته ) ، و ( السحت ) بفتحتين ، و ( السحت ) بكسر السين ، وكانوا يأخذون الرشا على الأحكام وتحليل الحرام . انتهى . وفي ( اللباب ) : السحت كله حرام تحمل عليه شدة الشره . وهو يرجع إلى الحرام الخسيس الذي لا تكون له بركة ولا لآخذه مروءة ، ويكون في حصوله عار بحيث يخفيه لا محالة . ومعلوم أن حال الرشوة كذلك ، فلذلك حرمت الرشوة على الحاكم . عن أبي هريرة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي في الحكم " أخرجه الترمذيّ . وأخرجه أبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص . قال ابن مسعود : الرشوة في كل شيء . فمن شفع شفاعة ليردّ بها حقّاً أو يدفع بها ظلماً . فأهدى بها إليه ، فقبل ، فهو سحت . فقيل له : يا أبا عبد الرحمن ، ما كنا نرى ذلك إلا الأخذ على الحكم ؟ فقال : الأخذ على الحكم كفر ! قال الله تعالى : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ } [ المائدة : 44 ] . { فَإِن جَآءُوكَ } يعني : اليهود لتحكم بينهم { فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ } لأنهم اتخذوك حكماً { أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ } لأنهم لا يقصدون بتحاكمهم إليك اتباع الحقّ بل ما يوافق أهواءهم ، أي : فأنت بالخيار . وقد استدل بالآية من قال : إن الإمام مخيّر في الحكم بين أهل الذمة أو الإعراض عنهم . وعن بعض السلف : إنّ التخيير المذكور نسخ بقوله تعالى : { وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } [ المائدة : 49 ] والتحقيق أنها محكمة ، والتخيير باق . وهو مرويّ عن الحسن والشعبي والنخعي والزهريّ ، وبه قال أحمد . لأنه لا منافاة بين الآيتين . فإن قوله تعالى : { فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ } فيه التخيير . وقوله تعالى : { وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } [ المائدة : 49 ] فيه كيفية الحكم ، إذا حكم بينهم { وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً } أي : فلن يقدروا على الإضرار بك ؛ لأن الله تعالى عاصمك من الناس { وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ } ، أي : بالعدل الذي أمرت به ، وإن كانوا ظلمة خارجين عن طريق العدل { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } أي : العادلين فيما وَلُوا وحكموا . روى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن . وكلتا يديه يمين . الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا " .