Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 66-66)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ } أي : أقاموا أحكامهما وحدودهما وما فيهما من نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأصل الإقامة : الثبات في المكان . ثم استعير إقامة الشيء لتوفية حقه { وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ } أي : بيّنوا ما بيّن لهم ربهم في التوراة والإنجيل . ويقال : أقروا بجملة الكتب والرسل من ربهم ، ويقال : هو القرآن { لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } لوسَّع عليهم أرزاقهم ، بأن يفيض عليهم بركات من السماء والأرض ، ويكثر ثمرة الأشجار وغلة الزروع . أو يرزقهم الجنان اليانعة الثمار ، فيجتنونها من رأس الشجر ، ويلتقطون ما تساقط على الأرض . وَجَعْلُ ( من فوقهم ومن تحت أرجلهم ) بمعنى : الأمطار والأنهار التي تحصل بها أقواتهم - بعيدٌ من الأكل . والأقرب الوجوه الثلاثة المتقدمة . ونبه تعالى بذلك على أن ما أصابهم من الضنك والضيق ، إنما هو بشؤمِ مَعَاصيهم وكفرهم ، لا لقصور في فيض الكريم ، تعالى . ودلت الآية على أن العمل بطاعة الله تعالى سبب لسعة الرزق ، وهو كقوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 96 ] ، { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [ الطلاق : 2 - 3 ] ، { فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً … } [ نوح : 10 ] الآيات ، { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } [ الجن : 16 ] . روى الإمام أحمد عن زيادة بن لبيد أنه قال : " ذكر النبيّ صلى الله عليه وسلم شيئاً فقال : " وذاك عند ذهاب العلم " . قال : قلنا : يا رسول الله ، وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونُقرئه أبْنَاءَنا ، ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة ؟ فقال : " ثكلتك أمك يا ابن أم لبيد ! إن كنتُ لأراك من أفقه رجل بالمدينة . أَوَليس هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل ، لا ينتفعون مما فيهما بشيء " " . وفي رواية ابن أبي حاتم : " " أو ليست التوراة والإنجيل بأيدي اليهود والنصارى ؟ فما أغنى عنهم حين تركوا أمر الله " ؟ ثم قرأ : { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ … } الآية " . { مِّنْهُمْ أُمَّةٌ } أي : طائفة { مُّقْتَصِدَةٌ } أي : عادلة مستقيمة ، وهم من آمن بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، كعبد الله بن سلام والنجاشيّ وسلمان { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ } أي : بئس { مَا يَعْمَلُونَ } أي : من تحريف الحق والإعراض عنه والإفراط في العداوة . والآية كقوله تعالى : { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } [ الأعراف : 159 ] .