Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 70-70)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } أي : على الإيمان بالله ورسله { وَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمْ رُسُلاً } ليقفوهم على ما يأتون وما يذرون في دينهم { كُلَّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُهُمْ } أي : بما يخالف هواهم ويضادّ شهواتهم من الأحكام الحقة . مع أن وضع الرسالة : الدعوةُ إلى مخالفة الهوى { فَرِيقاً } منهم { كَذَّبُواْ } مع ظهور دلائل صدقهم { وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ } بعد التكذيب . سدّاً لدعوتهم إلى ما يخالف أهويتهم . لطيفتان الأولى : قال الزمخشريّ : جواب الشرط محذوف يدل عليه قوله : { فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ } كأنه قيل : كلما جاءهم رسول منهم ناصبوه . قال الناصر في ( الانتصاف ) : ومما يدل على حذف الجواب أنه جاء ظاهراً في الآية الأخرى ، وهي توأمة هذه ، وقوله تعالى : { أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ } [ البقرة : 87 ] . فأوقع قوله : { ٱسْتَكْبَرْتُمْ } [ البقرة : 87 ] جواباً . ثم فسر استكبارهم وصنيعهم بالأنبياء بقتل البعض وتكذيب البعض . فلو قدر الزمخشريّ ههنا الجواب المحذوف مثل المنطوق به في أخت الآية فقال : وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول لما لا تهوى أنفسهم استكبروا ، لكان أولى ، لدلالة مثله عليه . الثانية : قال الزمخشريّ : فإن قلت : لم جيء بأحد الفعلين ماضياً وبالآخر مضارعاً ؟ قلت : جيء { يَقْتُلُونَ } على حكاية الحال الماضية استفظاعاً للقتل واستحضاراً لتلك الحال الشنيعة ، للتعجيب منها . قال في ( الانتصاف ) : أو يكون حالا على حقيقته . لأنهم داروا حول قتل محمد صلى الله عليه وسلم . وقد قيل هذا الوجه في أخت هذه الآية في ( البقرة ) ؛ وقد مضى وجه اقتضاء صيغة الفعل المضارع لاستحضاره دون الماضي ، وتمثيله بقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَتُصْبِحُ ٱلأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } [ الحج : 63 ] . فعدل عن ( فأصبحت ) إلى ( فتصبح ) تصويراً للحال واستحضارا لها في ذهن السامع ، ومنه : @ بأني قد لقيت الغول تَهْوِي بِسَهْبٍ كالصحيفة صَحْصَحَانِ فأضربها بلا دَهَشٍ فخرّت صريعاً لليدين وللجِرَانِ @@ وأمثاله كثيرة . انتهى . قال الخفاجيّ : اقتصر العلامة هنا على حكاية حال أسلافهم ، لقرينة ضمائر الغيبة ، وترك تلك الآية - يعني آية البقرة - على الاحتمالين لقرينة ضمائر المخاطبين . ليكون توبيخاً وتعبيراً للحاضرين بفعل آبائهم . ولذا عقبت هذه الآية بقصة عيسى عليه الصلاة والسلام . فتأمّل .