Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 97-97)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَٰماً لِّلنَّاسِ } أي : مداراً لقيام أمر دينهم بالحج إليه ، ودنياهم بأمن داخله وعدم التعرض له وجَبْي ثمرات كلّ شيء إليه . قال المهايميّ : جعله الله مقام التوجه إليه في عبادته للناس المتفرقين في العالم ، ليحصل لهم الاجتماع الموجب للتألف ، الذي يحتاجون إليه في تمدّنهم ، الذي به كمالُ معاشهم ومعادهم ، لاحتياجهم إلى المعاونة فيهما . { وَٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ } بمعني : الأشهر الحرم - ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب - قياماً لهم بأمنهم من القتال فيها ؛ لأنه حرم فيها ليحصل التآلف فيها { وَٱلْهَدْيَ } وهو ما يهدي إلى مكة { وَٱلْقَلاَئِدَ } جمع قلادة . وهي ما يجعل في عنق البدنة التي تهدي وغيره ، والمراد بـ { وَٱلْقَلاَئِدَ } : ذوات القلائد وهي البدن ، خصت بالذكر لأن الثواب فيها أكثر ، وبهاء الحج بها أظهر . والمفعول الثاني محذوف ، ثقةً بما مرّ ، أي : جعل الهدي والقلائد أيضاً قياماً لهم . فإنهم كانوا يأمنون بسَوْق الهدي إلى البيت الحرام على أنفسهم . وفيه قوام لمعيشة الفقراء ثَمَّت . وكذلك كانوا يأمنون إذا قلدوها أو قلّدوا أنفسهم ، عند الإحرام ، من لحاء شجر الحرم . فلا يتعرض لهم أحد { ذٰلِكَ } أي : الجَعْل المذكور { لِتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فإنّ جعله ذلك لجلب المصالح لكم ودفع المضار عنكم قبل وقوعها ، دليلٍ على علمه بما هو في الوجود وما هو كائن . وقد جوّد الرازيّ تقرير هذا المقام فأبدع ، فلينظر . وقوله تعالى : { وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } تعميمٌ إثر تخصيصٍ للتأكيد .