Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 30-30)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } قال ابن جرير : فيه لأهل التأويل قولان : الأول : أن معناه : ما من مزيد . فعن مجاهد قال : وعدها الله ليملأنها فقال : هلا وفَّيتكِ ؟ قالت : وهل من مسلك ؟ ! . الثاني : معناه : زدني . أي : فالاستفهام على الأول إنكاريّ ، معناه النفي ، وأيد بآية { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ هود : 119 ، والسجدة : 13 ] ، والقرآن يفسر بعضه بعضاًَ ، وعلى الثاني تقريريّ ، دلالة على سعتها . بحيث يدخلها من يدخلها ، وفيها فراغ وخلوّ ، كأنه يطلب الزيادة . فإن قيل : الوجه الثاني ، وهو كونها فيها فراغ ، منافٍ لصريح النظم من قوله : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ … } الآية ، قلت : لا منافاة بينهما كما توهم ؛ لأن الامتلاء قد يراد به أنه لا يخلو طبقة منها عمن يسكنها ، وإن كان فيها فراغ كثير ، كما يقال : إن البلدة ممتلئة بأهلها ، ليس فيها دار خالية ، مع ما بينها من الأبنية والأفضية . أو هذا باعتبار حالين ، فالفراغ في أول دخول أهلها فيها ، ثم يساق إليها الشياطين ونحوهم فتمتلئ . تنبيه ذهب جماعة إلى أن المقاولة في الآية مجاز على طريق الاستعارة التمثيلية ، وأن جهنم لشدة توقدها وزفيرها . وتهافت الكفرة والعصاة ، وقذفهم فيها ، كأنها طالبة للزيادة . وآخرون إلى أن ذلك حقيقة . قال الناصر في ( الانتصاف ) : إنا نعتقد أن سؤال جهنم وجوابها حقيقة ، وأن الله تعالى يخلق فيها الإدراك بذلك بشرطه . وكيف نفرض ، وقد وردت الأخبار وتظاهرت على ذلك ؟ منها هذا ، ومنها لجاج الجنة والنار ، ومنها اشتكاؤها إلى ربها ، فأذن لها في نَفَسين . وهذه وإن لم تكن نصوصاً ، فظواهر يجب حملها على حقائقها ، لأنا متعبدون باعتقاد الظاهر ، ما لم يمنع مانع ، ولا مانع ههنا ، فإن القدرة صالحة ، والعقل يجوّز ، والظواهر قاضية بوقوع ما جوّزه العقل . وقد وقع مثل هذا قطعاً في الدنيا ، كتسليم الشجر ، وتسبيح الحصى في كف النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وفي يد أصحابه . ولو فتح باب المجاز والعدول عن الظاهر في تفاصيل المقالة ، لا تسع الخرق ، وضل كثير من الخلق عن الحق . وليس هذا كالظواهر الواردة في الإلهيات مما لم يجوز العقل اعتقاد ظاهرها ، فإن العدول فيها عن ظاهر الكلام بضرورة الانقياد إلى أدلة العقل المرشدة إلى المعتقد الحق . انتهى . قال الشهاب : وهو كلام حسن ، وأمور الآخرة لا ينبغي أن تقاس على أمور الدنيا . انتهى . ولا تنس ما قلناه مراراً من أن اللغة لا تنحصر في الحقيقة ، وأن أكثر اللغة مجاز لا حقيقة ، كما أوضحه السيوطيّ في ( المزهر ) والجرجانيّ في ( أسرار البلاغة ) . وفي شواهد العرب الكثيرة ما يؤيد المجاز ، ولا محذور فيه ، عدا عن كونه أبلغ ، كما قرره . وبالجملة فالنظم الكريم يحتملها - والله أعلم . و { يَوْمَ } منصوب بـ : { ظَلاَّمٍ } أو بمضمر ، نحو : اذكر وأنذر . و ( المزيد ) إما مصدر كالمحيد ، أو اسم مفعول كالمبيع .