Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 1-6)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلطُّورِ } أي : طور سينين : جبل بِمَدْيَنَ ، سمع فيه موسى ، صلوات الله عليه ، كلام الله تعالى ، واندك بنور تجليه تعالى . { وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ } أي : مكتوب ، والمراد به القرآن ، أو ما يعمّ الكتب المنزلة . { فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ } متعلق بـ " مسطور " أي : وكتاب سطِّر في ورق منشور يقرأ على الناس جهاراً ، و ( الرق ) الصحيفة أو الجلد الذي يكتب فيه . { وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ } أي : الذي يُعْمَر بكثرة غاشيته ، وهو الكعبة المعمورة بالحجاج والعمّار والطائفين والعاكفين والمجاورين . وروي أنه بيت في السماء بحيال الكعبة من الأرض . يدخله كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة ثم لا يعودون فيه أبداً . والأول أظهر ؛ لأنه يناسب ما جاء في سورة التين من عطف { ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } على { وَطُورِ سِينِينَ } والقرآن يفسر بعضه بعضاً ؛ لتشابه آياته وتماثلها كثيراً ، وإن تنوعت بلاغة الأسلوب . قال المهايميّ : أورده بعد الكتاب الذي هو الوحي ؛ لأنه محل أعظم الأعمال المقصودة منه ، ولأنه مظهر الوحي ومصدر الرحمة العامة المهداة للعالمين ، ولأنه من أجلّ الآيات وأكبرها ، كما دل عليه آية : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ } [ العنكبوت : 67 ] وآيات أخر . { وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } يعني السماء . وجعلها سقفاً ؛ لأنها للأرض كسماء البيت الذي هو سقفه . { وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ } أي : المملوء ، أو الذي يوقد ، أي : يصير ناراً ، كقوله : { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } [ التكوير : 6 ] قال ابن جرير : والأول أولى ، أعني : أن معناه البحر المملوء المجموع ماؤه بعضه في بعض ؛ لأن الأغلب من معاني ( السَّجرْ ) الإيقاد أو الامتلاء ، فإذا كان البحر غير موقد اليوم ، ثبتت له الصفة الثانية وهو الامتلاء ؛ لأنه كل وقت ممتلئ ، ولا ننس ما قدمنا في أوائل " الذَّارِيَاتِ " من أن هذه الأقسام كلها دلائل أخرجت في صورة الإيمان .