Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 8-9)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ دَنَا } أي : ثم بعد استوائه ، اقترب جبريل من محمد صلى الله عليه وسلم { فَتَدَلَّىٰ } أي : إليه . قال ابن جرير : هذا من المؤخر الذي معناه التقديم ، وإنما هو ثم تدلى فدنا ، ولكنه حسن تقديم قوله : { دَنَا } إذ كان الدنو يدل على التدلي ، والتدلي على الدنو . كما يقال : زارني فلان فأحسن ، وأحسن إليّ فزارني . وقال الشهاب : التدلي مجاز عن التعلق بالنبيّ بعد الدنو منه ، لا بمعنى التنزل من علوّ ، كما هو المشهور . أو هو دنوّ بحالة التعلق ، فلا قلب ولا تأويل بـ ( أراد الدنو ) - كما في الإيضاح . { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } أي : كان مسافة ما بينهما مقدار قوسين . أي : بقدرهما إذا مُدَّا أو أقرب . أو الضمير لجبريل ، أي : كأنه قربه قدر ذلك . قال الشهاب : وقاب القوس وقيبه : ما بين الوتر ومقبضه ، والمراد به المقدار ، فإنه يقدّر بالقوس ، كالذراع . وقد قيل : إنه مقلوب ، أي : قابيْ قوس ، ولا حاجة إليه ؛ فإن هذا إشارة إلى ما كانت العرب في الجاهلية تفعله ، إذا تحالفوا أخرجوا قوسين ، ويلصقون إحداهما بالأخرى ، يكون القاب ملاصقاً للآخر ، حتى كأنهما ذوا قاب واحد ، ثم ينزعانهما معاً ويرميان بهما سهماً واحداً ، فيكون ذلك إشارة إلى أن رضا أحدهما رضا الآخر ، وسخطه سخطه ، لا يمكن خلافه - كذا قال مجاهد ، وارتضاه عامة المفسرين - انتهى . قال السمين : وقوله تعالى : { أَوْ أَدْنَىٰ } كقوله : { أَوْ يَزِيدُونَ } [ الصافات : 147 ] ، لأن المعنى : فكان بأحد هذين المقدارين في رأي الرائي ، أي : لتقارب ما بينهما ، يشك الرائي في ذلك . فهو تمثيل لشدة القرب ، وتحقيق استماعه لما أوحى إليه بأنه في رأي العين ، ورأى الواقف عليه ، كما مر في { أَوْ يَزِيدُونَ } فإن المعنى : إذا رآهم الرائي يقول : هم مائة ألف أو يزيدون . وقيل : { أَوْ } بمعنى ( بَلْ ) أي : بل أدنى . و { أَدْنَىٰ } أفعل تفضيل ، والمفضل عليه محذوف . أي : أو أدنى من قاب قوسين .