Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 23-32)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِٱلنُّذُرِ } أي : بما أنذرهم به نبيهم صالح عليه السلام , { فَقَالُوۤاْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } أي : جنون ، أو عناء . فهو اسم مفرد . وقيل : جمع سعير ، كأنهم عكسوا عليه ، فرتبوا على اتباعهم إياه ما رتبه على اتباعهم له . قال الزمخشريّ قالوا : { أَبَشَراً } إنكار لأن يتبعوا مثلهم في الجنسية ، وطلبوا أن يكون من جنس أعلى من جنس البشر ، وهم الملائكة . وقالوا { مِّنَّا } لأنه إذا كان منهم كانت المماثلة أقوى . وقالوا { وَاحِداً } إنكاراً لأن تتبع الأمة رجلاً واحداً ، أو أرادوا واحداً من أفنائهم ليس بأشرفهم وأفضلهم ، ويدل عليه قولهم : { أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا } يعنون : الوحي والنبوة ، أي : وفينا من هو أحق بها على زعمهم ، لكونه أعزُّ مالاً ونفراً { بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } أي : متكبر ، حمله كبره على استتباعنا له . { سَيَعْلَمُونَ غَداً } أي : عند نزول العذاب بهم ، أو يوم القيامة { مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ } أي : المتكبر عن الحق ، البطر له { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ } أي : آية وحجة لصالح على قومه امتحاناً لهم وابتلاءً { فَٱرْتَقِبْهُمْ } أي : انتظرهم وتبصر ما هم صانعوه بها { وَٱصْطَبِرْ } أي : على دعوتهم { وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ } أي : الذي يرِدونه لشرب مواشيهم { قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } أي : مقسوم بينهم ، لها شرب يوم ، ولهم شرب يوم { كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ } أي : يحضره صاحبه في نوبته . و ( الشرب ) النصيب من الماء . ثم أشار تعالى إلى عتوهم عن أمر ربهم بقوله : { فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ } فتناول الناقة بيده { فَعَقَرَ } أي : فعقرها وقتلها { فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ } أي : كالشجر اليابس المتكسّر الذي يتخذه من يعمل الحظيرة للغنم ونحوها ، أو كالحشيش اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء . وقرئ بفتح الظاء ، اسم مكان ، أي : كهشيم الحظيرة ، أو الشجر المتخذ لها . وهو تشبيه لإهلاكهم وإفنائهم ، وأنهم بادوا عن آخرهم ، لم تبق منهم باقية ، وخمدوا وهمدوا ، كما يهمد وييبس الزرع والنبات بعد خضرة ورقه ، وحسن نباته . قال ابن زيد : كانت العرب يجعلون حظاراً على الإبل والمواشي من يبس الشوك . وعن سفيان : الهشيم ، إذا ضربت الحظيرة بالعصا ، تهشم ذاك الورق فيسقط , والعرب تسمي كل شيء كان رطباً فيبس هشيماً { وَلَقَد يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } .