Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 33-40)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِٱلنُّذُرِ * إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً } أي : ملَكاً يرميهم بالحصباء والحجارة ، أو ريحاً تحصبهم بالحجارة ، أي ترميهم { إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ } أي : في سحر . أو ( الباء ) للملابسة ، أو المصاحبة وذلك أنه تعالى أوحى إليهم أن يخرجوا من آخر الليل ، فنجوا مما أصاب قومهم . ولم يؤمن بلوط من قومه أحد ، ولا رجل واحد ، حتى ولا امرأته ، وقد أصابها ما أصابهم ، وخرج نبيّ الله لوط عليه السلام وبنات له ، من بين أظهرهم سالمين لم يمسسهم سوء { نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا } أي : إنعاماً منا ، وهو علة لـ ( نجينا ) { كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ } أي : فأطاع ربه ، وانتهى إلى أمره ونهيه . و ( الشكر ) صرف العبد جميع ما أنعم عليه ، إلى ما خلق لأجله { وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ } أي : لوط { بَطْشَتَنَا } أي : أخذتنا بالعذاب { فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } أي : بإنذاراته ، تكذيباً له { وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ } أي : طالبوه بإتيان الفاحشة معهم ، وهم الملائكة الذين وردوا عليه في صورة شباب مُرْدٍ حِسان ، محنة من الله بهم ، فأضافهم لوط عليه السلام ، وبعثت امرأته العجوز السوء إلى قومها تعلمهم بأضيافه عليه السلام ، فأقبلوا يهرعون إليه من كل مكان ، فتلقاهم يناشدهم الله ألا يخزوه في ضيفه ، فأبوا عليه ، وجاءوا ليدخلوا عليه ، فأعمى الله أبصارهم ، فلم يروهم ، كما قال : { فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ } أي : يدوم بهم إلى النار . { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ } قال الزمخشريّ : فإن قلت : ما فائدة تكرير قوله : { فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ … } إلخ ؟ قلت : فائدته : أن يجددوا عند استماع كل نبأ من أنباء الأولين ادّكاراً واتعاظاً ، وأن يستأنفوا تنبهاً واستيقاظا ، إذا سمعوا الحث على ذلك ، والبعث عليه ، وأن يقرع لهم العصا مرات ، ويقعقع لهم الشن تارات ، لئلا يغلبهم السهو ، ولا تستولي عليهم الغفلة . وهكذا حكم التكرير كقوله : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 13 ] ، عند كل نعمة عدها في سورة ( الرحمن ) . وقوله : { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } [ المرسلات : 15 ] عند كل آية أوردها في سورة ( والمرسلات ) . وكذلك تكرير الأنباء والقصص في أنفسها ، لتكون العبر حاضرة للقلوب ، مصورة للأذهان ، مذكورة غير منسية في كل أوان . انتهى .